وأما أبو العلاء فإنه أتى في التورية بلمعة خفية الإيماء شديدة العقادة والتكلف وذلك في قوله .
( حروف السرى جاءت لمعنى أردته ... برتني أسماء لهن وأفعال ) .
( إذا صدق الجد افترى العم للفتى ... مكارم لا تخفى وإن كذب الخال ) .
الجد هنا مشترك بين أبي الأب والسعد ومراده السعد والعم مشترك بين أخي الأب والجماعة من الناس ومراده الجماعة والخال مشترك بين أخي الأم والظن ومراده الظن قلت زحوف هذا البيت أيضا لا تخفى إنه مكسوف بدخان العقادة أين هذا من قول الشيخ تقي الدين السروجي .
( في الجانب الأيمن من خدها ... نقطة مسك اشتهي شمها ) .
( حسبته لما بدا خالها ... وجدته من حسنه عمها ) ومثله في اللطف والظرافة قول الشيخ عز الدين الدين الموصلي .
( لحظت من وجنتها شامة ... فابتسمت تعجب من حالي ) .
( قالت قفوا واستمعوا ما جرى ... قد هام عمي الشيخ من خالي ) .
قلت ولهذا وقع الإجماع على أن المتأخرين هم الذين سموا إلى أفق التورية وأطلعوا شموسها ومازجوا بها أهل الذوق السليم لما أداروا كؤوسها وقيل إن الفاضل هو الذي عصر سلافة التورية لأهل عصره وتقدم على المتقدمين بما أودع منها في نظمه ونثره فإنه C تعالى كشف بعد طول التحجب ستر حجابها وأنزل الناس بعد تمهيدها بساحاتها ورحابها وممن شرب من سلافة عصره وأخذ عنه وانتظم في سلكه بفرائد دره القاضي السعيد ابن سنا الملك ولم يزل هو ومن عاصره مجتمعين على دور كأسها ومتمسكين بطيب أنفاسها إلى أن جاءت بعدهم حلبة صاروا فرسان ميدانها والواسطة في عقد جمانها كالسراج الوراق وأبي الحسين الجزار والنصير الحمامي وناصر الدين حسن بن النقيب والحكيم شمس الدين بن دانيال والقاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر .
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في كتابه المسمى بفض الختام عن التورية