فسكره بالأمس بسبب عزمه على الشرب غدا مما لا يمكن عقلا ولا عادة أيضا ومنه قول أبي نواس .
( وأخفت أهل الشرك حتى إنه ... لتخافك النطف التي لم تخلق ) .
وهذا الذي قاله أبو نواس أيضا أمر مستحيل فإن قيام العرض الموجود وهو الخوف بالمعدوم وهي النطف التي لم تخلق لا يمكن عقلا ولا عادة ومن ألطف ما يحكى هنا أن العتابي الشاعر لقي أبا نواس فقال له أما تستحي من الله بقولك وأخفت أهل الشرك البيت فقال له أبو نواس وأنت أيضا ما استحيت من الله بقولك .
( ما زلت في غمرات الموت مطرحا ... يضيق عني وسيع الرأي من حيل ) .
( فلم تزل دائبا تسعى بلطفك لي ... حتى اختلست حياتي من يدي أجلي ) .
فقال العتابي قد علم الله وعلمت أن هذا ليس مثل قولك ولكنك أعددت لكل سؤال جوابا .
ومنه قول بعضهم .
( قد كان لي فيما مضى خاتم ... واليوم لو شئت تمنطقت به ) .
( وذبت حتى صرت لو زج بي ... في مقلة النائم لم ينتبه ) .
ومثل هذا أيضا لا يقبله العقل ولا عليه رونق القبول .
قلت ومراتب الغلو تتفاوت إلى أن تؤول بقائلها إلى الكفر فمن ذلك قول ابن دريد .
( مارست من لو هوت الأفلاك من ... جوانب الجو عليه ما شكا ) .
قيل إنه لأجل هذا البيت والادعاء العظيم الذي ادعى فيه ابتلي بمرض كان فيه يخاف من الذباب أن يقع عليه