ومن الأراجيز المرتجلة التي سارت الركبان ببلاغة ارتجالها ولطف انسجامها أرجوزة الشيخ زين الدين عمر بن المظفر الوردي سقى الله ثراه التي ارتجلها بدمشق المحروسة عند الامتحان المفحم .
فقد ذكر الشيخ الإمام العلامة إمام المحدثين أبو الفداء إسماعيل بن كثير أن الشيخ زين الدين المشار إليه قدم دمشق المحروسة في أيام القاضي نجم الدين بن صصري تغمده الله برحمته ورضوانه فأجلسه في الصفة المعروفة بالشباك في جملة الشهود وكان يومئذ زري الحال فاستخف به الشهود .
فحضر يوما كتابة مشترى ملك فقال بعضهم أعطوا المعري يكتبه على سبيل الاستهزاء .
فقال الشيخ ارسموا لي أكتبه نظما أو نثرا .
فزاد استهزاؤهم به فقالوا بل نظما .
فأخذ الطرس وكتب ارتجالا ما صورته .
( باسم إله الخلق هذا ما اشترى ... محمد بن يونس بن سنقرا ) .
( من مالك بن أحمد بن الأزرق ... كلاهما قد عرفا من جلق ) .
( فباعه قطعة أرض واقعة ... بكورة الغوطة وهي جامعه ) .
( لشجر مختلف الأجناس ... والأرض في البيع مع الغراس ) .
( وذرع هذي الأرض بالذراع ... عشرون في الطول بلا نزاع ) .
( وذرعها في العرض أيضا عشره ... وهو ذراع باليد المعتبره ) .
( وحدها من قبلة ملك التقي ... وحائز الرومي حد المشرق ) .
( ومن شمال ملك أولاد علي ... والغرب ملك عامر بن جهبل ) .
( وهذه تعرف من قديم ... بأنها قطعة بنت الرومي ) .
( بيعت صحيحا لازما شرعيا ... ثم شراء قاطعا مرعيا ) .
( بثمن مبلغه من فضه ... وازنة جيدة مبيضه ) .
( جارية للناس في المعامله ... ألفان منها النصف ألف كاملة ) .
( قبضها البائع منه وافيه ... فعادت الذمة منها خاليه ) .
( وسلم الأرض إلى من اشترى ... فقبض القطعة منه وجرى ) .
( بينهما بالبدن التفرق ... طوعا فما لأحد تعلق )