أهله إلا إذا كان عن قدرة وهذا القدر غاية في باب التكميل ثم رأى أن مدحه بالحلم وحده غير كامل فإنه إذا لم يعرف منه إلا الحلم طمع فيه عدوه فقال مع الحلم في عين العدو مهيب قلت ومما يؤيد هذا التقرير قول الشاعر .
( وحلم ذي العجز أنت عارفه ... والحلم عن قدرة ضرب من الكرم ) .
ومن التكميل الحسن قول كثير عزة .
( لو أن عزة خاصمت شمس الضحى ... في الحسن عند موفق لقضى لها ) .
فقوله عند موفق تكميل حسن فإنه لو قال عند محكم لتم المعنى لكن في قوله عند موفق زيادة تكميل بها حسن البيت والسامع يجد لهذه اللفظة من الموقع الحلو في النفس ما ليس للأولى إذ ليس كل محكم موفقا فإن الموفق من الحكام من قضى بالحق لأهله .
وقد غلط غالب المؤلفين في هذا الباب وخلطوا التكميل بالتتميم وساقوا في باب التتميم شواهد التكميل فمن ذلك قول عوف السعدي .
( إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان ) .
هذا البيت ساقوه من شواهد التتميم وهو أبلغ شواهد التكميل فإن معنى البيت تام بدون لفظة وبلغتها وإذا لم يكن المعنى ناقصا فكيف يسمى هذا تتميما وإنما هو تكميل حسن .
قال ابن أبي الأصبع وما غلطهم إلا أنهم لم يفرقوا بين تتميم الألفاظ وتتميم المعاني فلو سمي مثل هذا تتميما للوزن لكان قريبا ولما ساقوه على أنه من تتميم المعاني وهذا غلط والفرق بين التتميم والتكميل أن التتميم يرد على المعنى الناقص فيتممه والتكميل يرد على المعنى التام فيكمله إذ الكمال أمر زائد على التمام وقد تقدم هذا الكلام على التتميم في موضعه ولكن أردت هنا تفصيل التكميل عن التتميم لتنجلي عن الطالب ظلمة الإشكال بصبح هذا الفرق الدقيق ومن أحسن التكميل قول شاعر الحماسة .
( لو قيل للمجد خذ عنهم وخلهم ... بما احتكمت من الدنيا لما حادا )