فجره ورضيع لبانه الذي ما سقانا منه ذرة إلا قلنا لله دره إلى والده المقر المرحومي الفخري من القاهرة إلى حلب وهو صحبة الركاب الشريف الظاهري يشكو إليه رمدا حصل له بعده وكان مبدأ الرسالة قوله .
( ما الطرف بعدكم بالنوم مكحول ... هذا وكم بيننا من ربعكم ميل ) .
وقال بعد الاستهلال لا استهلت لمولانا دموع ولا جفا جفنه مدى الليالي هجوع .
منها يطالع العلوم الكريمة بما قاساه طرف المملوك من الرمد وما حصل عليه من الكمد .
( إن عيني مذ غاب شخصك عنها ... يأمر السهد في كراها وينهي ) .
( بدموع كأنهن الغوادي ... لا تسل ما جرى على الخد منها ) .
فلو رآه وقد أخذت عيناه من العناصر الثلاثة بنصيب وعوضها الهواء عن التراب بمضاعفة الماء واللهيب لرأى من نارها ما يفحم القلوب ومن دمعها ما هو البلاء المصبوب واستمر انهمالها حتى أنشدها المتوجع قارنها الدمع فبئس القرين .
وطالت مدة رمده حتى لقد أتى على الإنسان حين وتزايد خوف المملوك على مقلتيه وشحه بكريمتيه ففصد في الذراعين وكاد أن يصير لولا أن من الله تعالى عليه أثرا بعد عين .
وكتب إلى المقر المخدومي المشار إليه سيدنا الإمام العلامة الذي صلت جماعة أهل العصر خلف إمامته وملك قياد البلاغة ببراعته وعبارته بدر الدين رحلة الطالبين أبو عبد الله محمد بن الدماميني المخزومي المالكي جوابا عن حل لغز في ورد أرسله إليه فاستهله بقوله يقبل الأرض وينهي ورود الجواب الذي شفى الصدور وروده وقال بعد الاستهلال واللغز الذي نسي بوروده منه بان الحمى وزروده منه فاستحلى المملوك منه بالتحريف ورده وود لو اقتطف من أغصان حروفه ورده فرده ذل التقصير عاريا عن ملابس عزه وأنشد قول ابن قلاقس وهو يقلى بنار عجزه .
( إذا منعتك أشجار المعالي ... جناها الغض فاقنع بالشميم )