وممن طلع من العصريين في هذا الأفق الساطع فأبدر ورقي ببلاغته أعواد هذا المنبر القاضي ناصر الدين بن البارزي صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية فإنه اتفق له بحماة محنة كان لطف الله تعالى متكفلا له بالسلامة منها ولم يضرم نارها إلا من غذي بلبان نعمته قديما وحديثا فالحمد لله الذي أسعف الإسلام والمسلمين بنجاته وأمتع العلم الشريف والرياسة بطول حياته ولما هاجر من حماة المحروسة إلى دمشق المحروسة كان إذ ذاك مولانا السلطان الملك المؤيد كافلها ففوض إليه خطابة الجامع الأموي فلم يبق أحد من أعيان دمشق حتى حضر في تلك الجمعة لأجل سماع الخطبة فكانت براعة خطبته الحمد لله الذي أيد محمدا بهجرته ونقله من أحب البقاع إليه لما اختاره من تأييده ورفعته فعلت بالجامع الأموي أصوات ترنم حركت أعواد المنبر طربا وكاد النسر أن يصفق لها بجناحيه عجبا .
وما ألطف براعة الشيخ العلامة نور الدين أبي الثناء محمود الشافعي الناظر في الحكم العزيز بحماة المحروسة والشهير بخطيب الدهشة بحماة المحروسة في كتاب أدعيته المسمى بدواء المصاب في الدعاء المجاب وهي الحمد لله سامع الدعاء ودافع البلاء .
وفيها البناء والتأسيس فإنه أشار بسامع الدعاء إلى الدعاء المجاب وبدافع البلاء إلى دواء المصاب .
وأما براعة خطيب الخطباء أبي يحيى عبد الرحيم بن نباتة الفارقي فإنها شغلت أفكاري مدة ولم يسعني غير السكوت والإحجام عنها فإنه استهلها في خطبة وفاة النبي بقوله الحمد لله المنتقم ممن خالفه المهلك من آسفه .
ولقد اعتذر عنها جماعة من أكابر العلماء .
وأورد الشيخ سري الدين بن هانئ في شرحه الذي كتبه على ديوان الخطب على هذه البراعة عذرا لأبي البقاء أرجو أن تهب عليه نسمات القبول .
وما أحشم ما استهل الشيخ جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي في خطبة وفاة النبي الحمد لله الذي استأثر بالبقاء وحق له أن يستأثر وحكم بالفناء على سكان هذا الفناء فأذعنوا لحكمه القاهر .
وأما خطبة الشيخ صفي الدين في صدر شرح بديعيته فإن استهلالها نير ولكن فيه نظر وبعض مباينة عما نحن فيه فإنه قال الحمد لله الذي حلل لنا سحر البيان