كأني بمتأمل نظر في رسم كتابة هذا الزجل فأنكره لبعده عن رسم الألفاظ المعربة الخالية من اللحن ويعذر في ذلك لأنه ليس له إلمام بمصطلح رسمه ومن رسمه على غير هذا الطريق لم ينفذ له مرسوم فإنه يؤديه إلى خطأ وزنه وإعراب لحنه .
ومصنفه أبو بكر بن يحيى بن قرمان الوزير قال في خطبته وقد جردته من الإعراب تجريد السيف من القراب .
ولم يطلب من الزجل غير عذوبة ألفاظه وغرابة معانية .
انتهى .
ومن التواجيه اللطيفة في الطب ما اتفق أن بعض الملوك خرج لقتال أعدائه فأيده الله بنصره فطلب كاتب إنشائه ليكتب على الفور حكاية الحال فتعذر وجوده في ذلك الوقت فطلب طبيبه وأمر بالكتابة بسرعة وكان الطبيب حاذقا فكتب موجها في صناعته .
أما بعد فإنا كنا مع العدو في حلقة كدائرة البيمارستان حتى لو رميت مبضعا لم يقع إلا على قيفال ولم يكن إلا كجس نبضة أو نبضتين حتى لحق العدو بحران عظيم .
فهلك بسعادتك يا معتدل المزاج .
وكان أبو الحسين الجزار ونصير الدين الحمامي وسراج الدين الوراق لم يخرجوا عن هذا النوع في غالب نظمهم ويأتي الكلام على ذلك في مواضعه من باب التورية وأما توجيه أسماء أنواع البديع فهو نسيج وحده وواسطة عقده .
وما ذاك إلا أنه رسم لي بإنشاء توقيع المقر الأخوي الزيني عبد الرحمن بن الخراط الشافعي أحد أعيان العصر في الأدب بكتابة السر بثغر طرابلس وأنا منشئ ديوان الإنشاء الشريف المؤيدي بالديار المصرية فقصدت التوجيه بالأنواع المذكورة لتحصل الملاءمة ومراعاة النظير بذلك فإن صاحب التوقيع من المتميزين على كلا الحالين بحسن الأدب فمن ذلك قولي في فصل التعدية وبعد فمنهل إنعامنا الشريف قد حلينا لأهل الأدب مورده لتصير عقود إنشائنا بجواهر منثورة منضده وتطلع كل براعة باستهلالها في أشرف المطالع وتسكن النزاهة طباق البديع للمقابلة فيتنزه الناظر والسامع ويقوم الاستخدام بما يجب عليه من واجب الخدمة ويزيل الاقتباس بنوره عن أهلته كل ظلمة وتجول خيول الاستطراد في رد العجز على صدره ويحصل لأهل الأدب في زماننا تمكين فيظهر الافتنان في نظمه ونثره ويصير لفقه المذهب الكلامي في أيامنا الشريفة ترشيح ومماثلة ومناسبة ويبرز في توشيح التسليم من غير اعتراض مناقضة ومواربة ويجنح العصيان إلى الدخول تحت الطاعة ويسمع القول بموجبه من غير مراجعة في كل براعة ويزول التجاهل بالعارف ويصير التسجيع والمواربة عند إيجازه بالمواقف