فالحوض هنا أجنبي من المناسبة لأنه ما يلائم المحصب والصفا وزمزم وإنما يناسب الصراط والميزان وما هو منوط بيوم القيامة .
ومثله في عدم المناسبة قول الكميت .
( وقد رأينا بها حوراء منعمة ... بيضا تكامل فيها الدل والشنب ) .
فإنهم قالوا الدلال لا يناسب الشنب وهو صحيح فإن الشنب من لوازم الثغر فلو ذكر معه اللعس وما ناسب ذلك مشى على سنن المناسبة وخلص من النقد .
ويعجبني من ملاءمة التناسب في مراعاة النظير قول العلامة أبي بكر بن اللبانة في موشح .
( بعض يخاصمني في بعض ... جسمي مقيم وقلبي يمضي ) .
( وكيف أسلو وبدري الأرضي ... يدير في الأقحوان الغض ) .
( وردية سرقت أنفاسه بالالتماس ... رقت فكانت مثل دمعة في جفن كاس ) .
أنظر إلى ما ناسب بين الأقحوان والورد وجذب القلوب وأنشا الأذواق في المناسبة بين الدمعة وجفن الكاس مع الاستعارة التي تستعار منها المحاسن .
ومن أحلى ما يستحلى في الذوق من هذا النوع قول ابن مطروح .
( لبسنا ثياب العناق ... مزررة بالقبل ) .
ومن شدة إعجابي بهذا البيت ضمنته تضمينا لو سمعه ابن مطروح لاطرح نفسه خاضعا وسلم إلي مفاتيح بيته طائعا وهو .
( ولما خلعنا العذار ... فككنا طويق الخجل ) .
( لبسنا ثياب العناق ... مزررة بالقبل ) .
ولولا خوف الإطالة لتكلمت على بيت ابن مطروح وعلى التضمين وما فيهما من حسن التناسب والاستعارات بما يليق بمقامهما .
وغاية الغايات قول القاضي الفاضل في هذا الباب .
( في خده فخ لعطفة صدغه ... والخال حبته وقلبي الطائر )