قال الشيخ زكي الدين بن أبي الأصبع لقد تشبثت بأذيال القاضي السعيد بن سنا الملك في هذا النوع بقولي فيمن ادعى الفقه والكرم .
( إن فلانا أكرم الناس لا ... يمنع ذا الحاجة من فلسه ) .
( وهو فقيه ذو اجتهاد وقد ... نص على التقليد في درسه ) .
( فيحسن البحث على وجهه ... ويوجب الدخل على نفسه ) .
والفرق بين الهجاء في معرض المدح وبين التهكم أن التهكم لا تخلو ألفاظه من اللفظ الدال على نوع من أنواع الذم أو لفظة توهم من فحواها الهجو .
وألفاظ المدح في معرض الذم لا يقع فيها شيء من ذلك ولا تزال تدل على ظاهر المدح حتى يقرن بها ما يصرفها عنه .
وبيت الشيخ صفي الدين الحلي .
( من معشر يرخص الإعراض جوهرهم ... ويحملون الأذى من كل مهتضم ) .
فقوله ويحملون الأذى من كل مهتضم ينظر إلى قول الحماسي يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة والمراد بما أبطنه الذل وعدم المنعة .
والعميان لم ينظموا هذا النوع .
وبيت الشيخ عز الدين الموصلي .
( في معرض المدح تهجى من قبيلته ... أعراضهم بين معمور ومنهدم ) .
الذي أقوله إن الشيخ عز الدين قفل مصراعي بيته ومنع الأفهام من الدخول إليه فإني لم أجد فيه ما يدل على مجرد المدح ولا اقترن به ما يصرفه إلى صيغة الهجو بل أقول وأنا أستغفر الله إن هذا البيت أجساد ألفاظه ما دب فيها من المعاني روح وليس له بهذا النوع إلمام .
وبيت بديعيتي .
( وكم بمعرض مدح قد هجوتهم ... وقلت سدتم بحمل الضيم والتهم ) .
فحمل الضيم ينظر إلى قول الحماسي إذ ظاهره الحلم والحسن وباطنه الذل وعدم المنعة ولكن حمل التهم هو الغاية القصوى في ظاهره وباطنه والله أعلم