إن عاينت الديوان وقعت في الحساب والعذاب أو البلاغة سحرت وبالغت فأنت ساحر كذاب أو فخرت بتقييد العلوم فما لك منها سوى لمحة الطرف أو برقم المصاحف فإنك تعبد الله على حرف أو جمعت عملا فإنما جمعك للتكسير أو رفعت إلى طرفك رجع البصر خاسئا وهو حسير وهل أنت في الدول إلا خيال تكتفي الهمم بطيفه أو أصبع يلعق بها الرزق إذا أكل الضارب بقائم سيفه وساع على رأسه قل ما أجدى وسار ربما أعطى قليلا وأكدى .
ثم وقف وأكدى أين أنت من حظي الأسنى وكفي الأغنى وما خصصت به من الجوهر الفرد إذا عجزت أنت عن العرض الأدنى كم برزت فما أغنيت في مهمه وكم خرجت من دواتك لتسطير سيئة فخرجت كما قيل من ظلمة إلى ظلمة وهب أنك كما قلت مفتوق اللسان جريء الجنان مداخل بمخلبك بين ذوي الاقتناص معدود من شياطين الدول وأنت في الطرس والنقس بين بناء وغواص فلو جريت خلفي إلى أن تحفى وصحت بصريرك إلى أن تخفت وتخفى فما كنت مني إلا بمنزلة المدرة من السماك الرامح والبعرة على تيار الخضم الطافح فلا تعد نفسك بمعجزي فإنك ممن يمين ولا تحلف لها أن تبلغ مداي فليس لمخضوب البنان يمين ومن صلاح نجمك أن تعترف بفضلي الأكبر وتؤمن بمعجزتي التي بعثت منك إلى الأسود والأحمر لتستوجب حقا وتسلم من نار حر تلظى لا يصلاها إلا الأشقى إن لم يتضح لرأيك إلا الإصرار وأبت حصائد لسانك إلا أن توقعك في النار فلا رعى الله عزائمك القاصرة ولا جمع عقارب ليل نفسك التي إن عادت فإن نعال السيوف لها حاضرة ثم قطع الكلام وتمثل بقول أبي تمام .
( السيف أصدق إنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب ) .
( بيض الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهن جلاء الشك والريب ) .
فلما تحقق تحريف القلم حرجه وفهم مقدار الغيظ الذي أخرجه وسمع هذه المقالة التي يقطر من جوانبها الدم ورأى أنه هو البادي بهذه المناقشة والبادي أظلم