وانصرف المتكلم عن الخطاب إلى الأخبار وهو عكس الأول كقوله تعالى ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة ) ومثاله أيضا قول عنترة .
( ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم ) .
ثم قال يخبر عن هذه المخاطبة .
( كيف المزار وقد تربع أهلنا ... بعنيزتين وأهلها بالغيلم ) .
أو انصراف المتكلم عن الأخبار إلى التكلم كقوله تعالى ( والله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت ) أو انصراف المتكلم عن التكلم إلى الأخبار وهو كقوله تعالى ( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ) والقراءة في الكلمات الثلاث بالنون شاذة نقلها صاحب البحر الزاخر وفي هذا الكتاب سبعة آلاف رواية .
وقد جمع امرؤ القيس الالتفاتات الثلاث في ثلاثة أبيات متواليات وهي قوله .
( تطاول ليلك بالأثمد ... ونام الخلي ولم ترقد ) .
( وبات وباتت له ليلة ... كليلة ذي العائر الأرمد ) .
( وذلك من نبإ جاءني ... وخبرته عن أبي الأسود ) .
فخاطب في البيت الأول وانصرف عن الخطاب إلى الإخبار في البيت الثاني وانصرف عن الإخبار إلى التكلم في البيت الثالث على الترتيب .
وما أحلى قول مهيار بن مرزويه في قصيدته التي سارت بمحاسنها الركبان وامتدح بها الوزير زعيم الدين في يوم نوروز سنة ثمان وعشرين وأربعمائة والمطلع هو .
( بكر العارض تحدوه النعامى ... فسقاك الري يا دار أماما )