فاحذر أيها الأمير أن تشقى بطلب الفاني وترك الباقي فتكون من النادمين واعلم أن حكيما قال .
( أين الملوك التي عن حظها غفلت ... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها ) .
نعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن الضلالة بعد الهدي لقد حدثت أيها الأمير عن بعض الصالحين أنه كان يقول كفي بالمرء خيانة أن يكون للخونة أمينا وعلى أعمالهم معينا .
470 - مقال الحسن حين رأى دار الحجاج التي بناها بواسط .
وروي أن الحجاج بني دارا بواسط وأحضر الحسن ليراها فلما دخلها قال الحمد لله إن الملوك ليرون لأنفسهم عزا وإنا لنرى فيهم كل يوم عبرا يعمد أحدهم إلى قصر فيشيده وإلى فرش فينجده وإلى ملابس ومراكب فيحسنها ثم يحف به ذباب طمع وفراش نار وأصحاب سوء فيقول انظروا ما صنعت فقد رأينا أيها المغرور فكان ماذا يا أفسق الفاسقين أما أهل السموات فقد مقتوك وأما أهل الأرض فقد لعنوك بنيت دار الفناء وخربت دار البقاء وغررت في دار الغرور لتذل في دار الحبور ثم خرج وهو يقول إن الله سبحانه أخذ عهده على العلماء ليبينه للناس ولا يكتمونه .
وبلغ الحجاج ما قال فاشتد غضبه وجمع أهل الشأم فقال يأهل الشأم أيشتمني عبد من عبيد أهل البصرة وأنتم حضور فلا تنكرون ثم أمر بإحضاره فجاء وهو يحرك شفتيه بما لم يسمع حتى دخل على الحجاج فقال يا أبا سعيد أما كان لإمارتي عليك حق حين قلت ما قلت فقال يرحمك الله أيها الأمير إن من خوفك حتى