خطبة له في سب أهل المدينة وتقريعهم .
وخطب المدينة فحمد الله وأثني عليه ثم قال يأهل المدينة مالي رأيت رسم الدين فيكم باقيا وآثاره دارسة لا تقبلون عظته ولا تفقهون من أهله حجة قد بليت فيكم حدته وانطمست عنكم سنته ترون معروفه منكرا والمنكر من غيره معروفا إذا انكشفت لكم العبر وأوضحت لكم النذر عميت عنها أبصاركم وصمت عنها أسماعكم ساهين في غمرة لاهين في غفلة تنبسط قلوبكم للباطل إذا نشر وتنقبض عن الحق إذا ذكر مستوحشة من العلم مستأنسة بالجهل كلما وقعت عليها موعظة زادتها عن الحق نفورا تحملون قلوبا في صدوركم كالحجارة أو أشد قسوة من الحجارة أو لم تلن لكتاب الله الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله يأهل المدينة ما تغني عنكم صحة أبدانكم إذا سقمت قلوبكم إن الله قد جعل لكل شئ سببا غالبا ينقاد له ويطيع أمره وجعل القلوب غالبة على الأبدان فإذا مالت القلوب ميلا كانت الأبدان لها تبعا وإن القلوب لا تلين أهلها إلا بصحتها ولا يصححها إلا المعرفة بالله وقوة النية ونفاذ البصيرة ولو استشعرت تقوى الله قلوبكم لاستعملت في طاعة الله أبدانكم يأهل المدينة داركم دار الهجرة ومثوى رسول الله لما نبت به داره وضاق به قراره وآذاه الأعداء وتجهمت له فنقله الله إليكم بل إلى قوم لعمري لم يكونوا أمثالكم متوازرين مع الحق على الباطل مختارين الآجل على العاجل يصبرون للصراء رجاء ثوابها فنصروا الله وجاهدوا في سبيله وآووا رسول الله ونصروه واتبعوا النور