الكتيبة ولقوا شبا الأسنة وشائك السهام وظبات السيوف بنحورهم ووجوهم وصدورهم فمضى الشاب منهم قدما حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه واختضبت محاسن وجهه بالدماء وعفر جبينه بالثرى وانحطت عليه طير السماء وتمرقته سباع الأرض فطوبى لهم وحسن مآب فكم من عين في منقار طائر طالما بكى بها صاحبها في جوف الليل من خوف الله وكم من يد قد أبينت عن ساعدها طالما اعتمد عليها صاحبها راكعا وساجدا وكم من وجه رقيق وجبين عتيق قد فلق بعمد الحديد ثم بكى وقال آه آه على فراق الإخوان رحمة الله على تلك الأبدان وأدخل أرواحهم الجنان .
450 - خطبة أخرى .
ورقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أوصيكم بتقوى الله وطاعته والعمل بكتابه وسنة نبيه وصلة الرحم وتعظيم ما صغرت الجبابرة من حق الله وتصغير ما عظمت من الباطل وإماتة ما أحيوا من الجور وإحياء ما أماتوا من الحقوق وأن يطاع الله ويعصى العباد في طاعته فالطاعة لله ولأهل طاعة الله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ندعو إلى كتاب الله وسنة نبيه والقسم بالسوية والعدل في الرعية ووضع الأخماس في مواضعها التي أمر الله بها تعلمون يأهل المدينة أنا لم نخرج من ديارنا وأموالنا أشرا