بأهل الشام الذابين عن بيضته التاركين لمحارمه ولم يكونوا كأمثال أهل العراق المنتهكين لمحارم الله والمحلين ما حرم الله والمحرمين ما أحل الله فقال عبد الله ابن الكواء يا بن أبي سفيان إن لكل كلام جوابا ونحن نخاف جبروتك فإن كنت تطلق ألسنتنا ذببنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا يأخذها في الله لومة لائم وإلا فإنا صابرون حتى يحكم الله ويضعنا علي فرجه قال والله لا يطاق لك لسان .
ثم تكلم صعصعة فقال تكلمت يا بن أبي سفيان فأبلغت ولم تقصر عما أردت وليس الأمر علي ما ذكرت أني يكون الخليفة من ملك الناس قهرا ودانهم كبرا واستولي بأسباب الباطل كذبا ومكرا أما والله مالك في يوم بدر مضرب ولا مرمي وما كنت فيه إلا كما قال القائل لا حلي ولا سيري ولقد كنت أنت وأبوك في العير والنفير ممن أجلب علي رسول الله وإنما أنت طليق ابن طليق أطلقكما رسول الله فأني تصلح الخلافة لطليق فقال معاوية لولا أني أرجع إلي قول أبي طالب حيث يقول .
( قابلت جهلهم حلما ومغفرة ... والعفو عن قدرة ضرب من الكرم ) لقتلتكم .
131 - صعصعة بن صوحان ومعاوية .
ودخل صعصعة بن صوحان علي معاوية فقال له .
يا بن صوحان أنت ذو معرفة بالعرب وحالها فأخبرني عن أهل البصرة وإياك والحمل علي قوم لقوم قال البصرة واسطة العرب ومنتهى الشرف والسودد وهم أهل الخطط في أول الدهر وآخره وقد دارت بهم سروات العرب كدوران الرحى علي قطبها قال فأخبرني عن أهل الكوفة قال قبة الإسلام وذروة الكلام ومصان ذوي الأعلام إلا أن بها أجلافا تمنع ذوي الأمر الطاعة وتخرجهم عن الجماعة وتلك أخلاق ذوي الهيئة والقناعة قال فأخبرني عن أهل الحجاز قال أسرع الناس إلي قتنة وأضعفهم عنها وأقلهم غناء فيها غير أن لهم ثباتا بالدين وتمسكا بعروة اليقين يتبعون الأئمة الأبرار ويخلعون الفسقة الفجار فقال معاوية من البررة والفسقة فقال يا بن أبي سفيان ترك الخداع من كشف القناع علي وأصحابه من الأئمة الأبرار وأنت وأصحابك من أولئك ثم أحب معاوية أن يمضي صعصعة في كلامه بعد أن بان فيه الغضب فقال أخبرني عن القبة الحمراء في ديار مضر قال