فاختاره بعلمه وأتمنه على وحيه واختار له من الناس أعوانا قذف في قلوبهم تصديقه ومحبته فآمنوا به وعزروه ووقروه وجاهدوا في الله حق جهاده فاستشهد الله منهم من استشهد على المنهاج الواضح والبيع الرابح وبقي منهم من بقي لا تأخذهم في الله لومة لائم .
أيها الناس رحمكم الله إنا خرجنا للوجه الذي علمتم فكنا مع وال حافظ حفظ وصية أمير المؤمنين كان يسير بنا الأبردين ويخفض بنا في الظهائر ويتخذ الليل جملا يعجل الرحلة من المنزل الجدب ويطيل اللبث في المنزل الخصب فلم نزل على أحسن حالة نعرفها من ربنا حتى انتهينا إلى إفريقية فنزلنا منها حيث يسمعون صهيل الخيل ورغاء الإبل وقعقعة السلاح فأقمنا أياما نجم كراعنا ونصلح سلاحنا ثم دعوناهم إلى الإسلام والدخول فيه فأبعدوا منه فسألناهم الجزية عن صغار أو الصلح فكانت هذه أبعد فأقمنا عليهم ثلاث عشرة ليلة نتأناهم وتختلف رسلنا إليهم فلما يئس منهم قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وذكر فضل الجهاد وما لصاحبه إذا صبر واحتسب ثم نهضنا إلى عدونا وقاتلناهم أشد القتال يومنا ذلك وصبر فيه الفريقان فكانت بيننا وبينهم قتلى كثيرة واستشهد الله فيهم رجالا من المسلمين فبتنا وباتوا وللمسلمين دوى بالقرآن كدوي النحل وبات المشركون في خمورهم وملاعبهم فلما أصبحنا أخذنا مصافنا التي كنا عليها بالأمس فزحف بعضنا على بعض فأفرغ الله علينا صبره وأنزل علينا نصره ففتحناها من آخر النهار فأصبنا غنائم كثيرة وفيئا واسعا بلغ فيه الخمس خمسمائة ألف فصفق عليها مروان بن الحكم فتركت المسلمين قد