16 - وصية أبي طالب لوجوه قريش عند موته .
لما حضرت أبا طالب الوفاة جمع إليه وجوه قريش فأوصاهم فقال .
يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب فيكم السيد المطاع وفيكم المقدام الشجاع الواسع الباع واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه ولا شرفا إلا أدركتموه فلكم بذلك على الناس الفضيلة ولهم به إليكم الوسيلة والناس لكم حرب وعلى حربكم ألب وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية يعنى الكعبة فإن فيها مرضاة للرب وقواما للمعاش وثباتا للوطأة صلوا أرحامكم فإن في صلة الرحم منسأة في الأجل وزيادة في العدد اتركوا البغي والعقوق ففيهما هلكت القرون قبلكم أجيبوا الداعي وأعطوا السائل فإن فيهما شرف الحياة والممات وعليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة فإن فيهما محبة في الخاص ومكرمة في العام .
وإني أوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش والصديق في العرب وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به وقد جاءنا بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن وايم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره فخاض بهم غمرات الموت وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ودورها خرابا وضعفاؤها أربابا وإذا