فلما أرادت الرجوع إلى أهلها وقفت على قبره فقالت .
أى بنى إنى قد تزودت لسفرى فليت شعرى ما زادك لبعد طريقك ويوم معادك اللهم إنى أسألك له الرضا برضاي عنه ثم قالت .
استودعتك من استودعنيك في أحشائي جنينا واثكل الوالدات ما أمض حرارة قلوبهن وأقلق مضاجعهن وأطول ليلهن وأقصر نهارهن وأقل أنسهن وأشد وحشتهن وأبعدهن من السرور وأقربهن من الأحزان .
فلم تزل تقول هذا ونحوه حتى أبكت كل من سمعها وحمدت الله D واسترجعت وصلت ركعات عند قبره وانطلقت .
57 - حديث امرأة سكنت البادية قريبا من قبور أهلها .
وروى أبو علي القالي عن عبد الرحمن عن عمه قال .
دفعت يوما في تلمسى بالبادية إلى واد خلاء لا أنيس به إلا بيت معتنز بفنائه أعنز وقد ظمئت فيممته فسلمت فإذا عجوز قد برزت كأنها نعامة راخم فقلت هل من ماء فقالت أو لبن فقلت ما كانت بغيتى إلا الماء فإذا يسر الله اللبن فإني إليه فقير فقامت إلى قعب فأفرغت فيه ماء ونظفت غسله ثم جاءت إلى الأعنز فتغيرتهن حتى احتلبت قراب ملء القعب ثم أفرغت عليه ماء حتى رغا وطفت ثمالته كأنها غمامة بيضاء ثم ناولتنى إياه فشربت حتى تحببت ريا واطمأننت فقلت