مما لو أطلعنى الله تعالى عليه لساءنى لكن الحمد لله الذى حفظ ما بين القلوب بستر بعضها عن بعض فيما يجول فيها وإنك لذو همة ومطمح ومن يكن هكذا يصبر ويغض ويحمل ويبدل بالعقاب الثواب ويصبر الأعداء من قبيل الأصحاب ويصير من الشخص على ما يسوء فقد يرى منه بعد ذلك ما يسر ولقد يخف على اليوم من قاسيت من فعله وقوله ما لو قطعتم عضوا عضوا لما ارتكبوه مني ما شفيت منهم غيظى ولكن رأيت الإغضاء والاحتمال لاسيما عند الاقتدار أولى ونظرت إلى جميع من حولي ممن يحسن ويسئ فوجدت القلوب متقاربة بعضها من بعض ونظرت إلى المسيء يعود محسنا والمحسن يعود مسيئا وصرت أندم على من سبق له مني عقاب ولا أندم على من سبق له مني ثواب فالزم يا بني معالي الأمور وإن جماعها في التغاضي ومن لا يتغاض لا يسلم له صاحب ولا يقرب منه جانب ولا ينال ما تترقى إليه همته ولا يظفر بأمله ولا يجد معينا حين يحتاج إليه .
فقبل المنذر يده وانصرف ولم يزل يأخذ نفسه بما أوصاه والده حتى تخلق بالخلق الجميل وبلغ ما أوصاه به أبوه ورفع قدره .
5 - عبد الرحمن الأوسط وابنه المنذر أيضا .
وقال له أبوه يوما إن فيك لتيها مفرطا فقال له حق لفرع أنت أصله أن يعلو فقال له يا بنى إن العيون تمج التياه والقلوب تنفر عنه فقال يا أبي لي من العز والنسب وعلو المكان والسلطان ما يجل عن ذلك وإني لم أر العيون إلا مقبلة علي ولا الأسماع إلا مصغية إلى وإن لهذا السلطان رونقا يريقه التبذل وعلوا يخفضه الانبساط ولا يصونه ويشرفه إلا التيه والانقباض وإن هؤلاء الأنذال