وسيما ورأى أن يستنطقه لينظر أين جنانه ولسانه من منظره فقال يا تميم إن كان لك عذر فأت به أو حجة فأدل بها فقال أما إذ قد أذن لي أمير المؤمنين فإنى أقول .
الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين جبر بك صدع الدين ولم بك شعث المسلمين وأوضح بك سبل الحق وأخمد بك شهاب الباطل يا أمير المؤمنين إن الذنوب تخرس الألسنة الفصيحة وتعي الأفئدة الصحيحة ولقد عظمت الجريرة وانقطعت الحجة وكبر الذنب وساء الظن ولم يبق إلا عفوك أو انتقامك وأرجو أن يكون أقربهما مني وأسرعهما إلي أولاهما بامتنانك وأشبههما بخلافتك ثم أنشأ يقول .
( أرى الموت بين السيف والنطع كامنا ... يلاحظنى من حيثما أتلفت ) .
( وأكبر ظني أنك اليوم قاتلي ... وأي أمرئ مما قضى الله يفلت ) .
( ومن ذا الذي يدلي بعذر وحجة ... وسيف المنايا بين عينيه مصلت ) .
( يعز على الأوس بن تغلب موقف ... يسل على السيف فيه وأسكت ) .
( وما جزعي من أن أموت وإنني ... لأعلم أن الموت شيء موقت ) ( ولكن خلفي صبية قد تركتهم ... وأكبادهم من حسرة تتفتت ) .
( كأني أراهم حين أنعى إليهم ... وقد خمشوا تلك الوجوه وصوتوا ) .
( فإن عشت عاشوا خافضين بغبطة ... أذود الردى عنهم وإن مت موتوا ) .
( فكم قائل لا يبعد الله روحه ... وآخر جذلان يسر ويشمت )