ولم يزل عبد الملك محبوسا حتى توفى الرشيد فأطلقه محمد الأمين وعقد له على الشام .
85 - قوله بعد خروجه من السجن .
ولما خرج من السجن وذكر الرشيد وفعله به قال .
والله إن الملك لشيء مانويته ولا تمنيته ولا نصبت له ولا أردته ولو أردته لكان إلي أسرع من الماء إلى الحدور ومن النار إلى يبس العرفج وإني لمأخوذ بما لم أجن ومسئول عما لا أعرف ولكنه حين رآني للملك قمينا وللخلافة خطيرا ورأى لي يدا تنالها إذا مدت وتبلغها إذا بسطت ونفسا تكمل لخصالها وتستحقها بفعالها وإن كنت لم أختر تلك الخصال ولم أصطنع تلك الفعال ولم أترشح لها في السر ولا أشرت إليها في الجهر وراها تحن إلى حنين الوالدة الوالهة وتميل إلى ميل الهلوك وخاف أن ترغب إلى خير مرغب وتنزع إلى أخصب منزع عاقبني عقاب من سهر في طلبها وجهد في التماسها فإن كان إنما حبسنى على أني أصلح لها وتصلح لى وأليق بها وتليق بي فليس ذلك بذنب جنيته فأتوب منه ولا تطاولت له فأحط نفسي عنه وإن زعم أنه لاصرف لعقابه ولا نجاة من عذابه إلا بأن أخرج له من جد العلم والحلم والحزم فكما لا يستطيع المضياع أن يكون مصلحا كذلك لا يستطيع العاقل أن يكون جاهلا