وجند الجنود وكتب الكتائب واعقد الألوية وانصب الرايات وأظهر أنك موجه إليهم الجيوش مع أحنق قوادك عليهم وأسوئهم أثرا فيهم ثم ادسس الرسل وابثث الكتب وضع بعضهم على طمع من وعدك وبعضا على خوف من وعيدك وأوقد بذلك وأشباهه نيران التحاسد فيهم واغرس أشجار التنافس بينهم حتى تملأ القلوب من الوحشة وتنطوي الصدور على البغضة ويدخل كلا من كل الحذر والهيبة فإن مرام الظفر بالغيلة والقتال بالحيلة والمناصبة بالكتب والمكايدة بالرسل والمقارعة بالكلام اللطيف المدخل في القلوب القوى الموقع من النفوس المعقود بالحجج الموصول بالحيل المبنى على اللين الذى يستميل القلوب ويسترق العقول والاراء ويستميل الأهواء ويستدعى المواتاة أنفذ من القتال بظبات السيوف وأسنة الرماح كما أن الوالي الذي يستنزل طاعة رعيته بالحيل ويفرق كلمة عدوه بالمكايدة أحكم عملا وألطف منظرا وأحسن سياسة من الذى لا ينال ذلك إلا بالقتال والإتلاف للأموال والتغرير والخطار وليعلم المهدى أنه إن وجه لقتالهم رجلا لم يسر لقتالهم إلا بجنود كثيفة تخرج عن حال شديدة وتقدم على أسفار ضيقة وأموال متفرقة وقود غششة إن ائتمنهم استنفدوا ماله وإن استنصحهم كانوا عليه لا له .
قال المهدي هذا رأى قد أسفر نوره وأبرق ضوءه وتمثل صوابه للعيون ويجسد حقه في القلوب ولكن فوق كل ذي علم عليم ثم نظر إلى ابنه على فقال ما تقول