ولما جىء بالهر مزان ملك خوزستان أسيرا إلى عمر رضى الله عنه وافق ذلك غيبته عن منزلة فما زال الموكل بالهرمزان يقتفى أثر عمر حتى عثر عليه فى بعض المساجد نائما متوسدا درته فلما رآه الهرمزان قال هذا والله الملك الهنىء عدلت فأمنت فنمت والله إنى قد خدمت أربعة من ملوك الأكاسرة أصحاب التيجان فما هبت أحد منهم هيبتى لصاحب هذه الدرة .
123 - ( قميص عثمان ) هو قميصه المضرج بالدم الذى قتل فيه يضرب به المثل للشيء يكون سببا للتحريش وذلك أن عمرو بن العاص رضى الله عنه لما أحس من عسكر معاوية بصفين فتورا فى المحاربة أشار عليه بأن يبرز لهم قميص عثمان ليستأنفوا جدا جديدا فى الانتقاض والمنازعة ففعل ذلك معاوية فحين وقعت أعين القوم على القميص ارتفعت ضجتهم بالبكاء والنحيب وتحرك منهم الساكن وثار من حقودهم الكامن فعندها قال عمرو حرك لها حوارها تحن .
وعلى ذكر هذا القميص فإن المتوكل لما قتله الأتراك بمواطأة المنتصر وأفضى الأمر بعده وبعد المنتصر والمستعين إلى المعتز لم تزل أمه قبيحة تحرضه على الإيقاع بقتلة أبيه وتلومه على ميله لهم دون طلب الثأر منهم وكان المعتز يعدها ويمنيها وهو يعلم أنه لا يقوى عليهم مع كثرة عددهم وشدة شوكتهم وغلبتهم على أمور الخلافة فأبرزت قبيحة يوما للمعتز قميص المتوكل الذى قتل فيه وهو مضرج بالدم وجعلت تبكى وتبالغ فى التقريع والتحريض كل المبالغة فلما طال ذلك منها قال لها المعتز يا أمى ارفعى القميص وإلا صار قميصين فعندها أمسكت ولم تعد لعادتها