فيهم مع الذى لهم فيه عند أنفسهم من خفة المؤونة والأمن من السلطان ومن الحيل وغير ذلك من المرافق ولو كانت هذه الشهوة شائعة فى الأعراب لتعشقوا الغلمان ولو تعشقوهم لنسبوا بهم ولجاءهم فيه باب من النسيب ولتهاجوا به وتفاخروا ولتنافسوا فى الغلمان ويجرى فى ذلك ما لا يخفى ولحديث فيه أشعار وأخبار والذى يدل على سلامتهم من ذلك عدم هذه المعانى وإن كان هناك شىء من هذا فليس هو إلا فى بعض من ينزل قارعة الطريق أو يقرب الأسواق وهؤلاء ليس فيهم من خصال الأعرابية إلا الجوهرية فأما الأخلاق والفصاحة والانفة والفروسية فهم على خلاف ذلك كله وقد ذكر الناس أن بالهند شيئا من هذه الفاحشة ليس بالفاشى وذكر بعض أهل البلدان وبعض قبائل الجاهلية وبعض ملوك اليمن بهذا الشأن ولكن لم نجد الأشعار بذلك متسعة والأخبار به متفقه .
906 - ( هواء جرجان ) أنشدت للصاحب .
( نحن والله من هوائك يا جرجان ... فى حيرة وأمر شديد ) .
( حرها ينضج الجلود فإن هبت ... شمال تكدرت بركود ) .
( كحبيب مواصل كلما هم ... بوصل أحاله بصدود ) .
وهواء جرجان موصوف بشدة تغيره وفرط نقاوته واختلافه فى يوم واحد كما قال بعضهم .
( ألا رب يوم لى بجرجان أرعن ... ضحكت له من خرقه أتعجب ) .
( وأخشى على نفسى اختلاف هوائها ... وما للفتى مما قضى الله مهرب )