القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) فتعجبوا من ذلك .
وحكي أن بعضهم دخل على عدوه من النصارى فقال له أطال الله بقاءك وأقر عينك وجعل يومي قبل يومك والله إنه ليسرني ما يسرك فأحسن إليه وأجازه على دعائه وامر له بصلة وكان ذلك دعاء عليه لأن معنى قوله أطال الله بقاءك حصول منفعة المسلمين به في اداء الجزية واما قوله وأقر عينك فمعناه سكن الله حركتها أي أعماها وأما قوله وجعل يومي قبل يومك أي جعل الله يومي الذي أدخل فيه الجنة قبل يومك الذي تدخل فيه النار وأما قوله إنه ليسرني ما يسرك فإن العافية تسره كما تسر الآخر فانظر إلى الاشتراك وفائدته ولولا الاشتراك ما تهيأ لمتستر مراد ولا سلم له في التخلص قياد وكان حماد الراوية لا يقرأ القرآن فكلفه بعض الخلفاء القراءة في المصحف فصحف في نيف وعشرين موضعا من جملتها قوله تعالى ( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ) بالغين المعجمة والسين المهملة وقوله ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ) بالباء الموحدة ليكون لهم عدوا وحزنا بالباء الموحدة ( وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار ) بالجيم والباء الموحدة ( هم احسن أثاثا ورئيا ) بالزاي وترك الهمزة ( عذابي أصيب به من أشاء ) بالسين المهملة ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ) بالنون والعين المهملة ( سلام عليكم لا نبتغي ) باسقاط التاء ( بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) بالغين المعجمة والراء المهملة قرن الشقاق بالغرة وهذا لا يقع إلا من الأذكياء .
وحكي أن المأمون ولي عاملا على بلاد وكان يعرف منه الجور في حكمه فأرسل إليه رجلا من أرباب دولته ليمتحنه فلما قدم عليه أظهر له أنه قدم في تجارة لنفسه ولم يعلمه أن أمير المؤمنين عنده علم منه فأكرم نزله وأحسن إليه وسأله أن يكتب كتابا إلى أمير المؤمنين المأمون