وأمر بالفتى فجهز ودفن وأما الجارية فلم تمكث بعده إلا أياما قلائل وماتت .
وحكي عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قدم على عبد الملك بن مروان فجلس ذات ليلة يسامره .
فتذاكر الغناء والجواري المغنيات والعشق فقال عبد الملك لعبد الله حدثني بأمر ما مر لك في هذه الأغاني وما رأيت من الجواري ؟ قال نعم يا أمير المؤمنين اشتريت جارية مولدة بعشرة آلاف درهم وكانت حاذقة مطبوعة فوصفت ليزيد بن معاوية فكتب إلي في شأنها فكتبت إليه والله لا تخرج مني ببيع ولا هبة فأمسك عني فكانت عندي على تلك الحالة لا أزداد فيها إلا حبا فبينما أنا ذات ليلة إذ أتتني عجوز من عجائزنا فذكرت لي أن بعض أعراب المدينة يحبها وتحبه ويراها وتراه وإنه يجيء كل ليلة متنكرا فيقف بالباب فيسمع غناءها ويبكي شغفا وحبا فراعيت ذلك الوقت الذي قالت عليه العجوز فإذا به قد أقبل مقنعا رأسه وقعد مستخفيا فلم أدع بها في تلك الليلة وجعلت أتأمل موضعها وموضعه فإذا بها تكلمه ويكلمها ولم أر بينهما إلا عتبا ولم يزالا كذلك حتى ابيض الصبح فدعوت بها وقلت لقيمة الجواري أصلحي فلانة بما يمكنك فأصلحتها وزينتها فلما جاءت بها قبضت على يديها وفتحت الباب وخرجت فجئت إلى الفتى فحركته فانتبه مذعورا فقلت لا بأس عليك ولا خوف هي هبة مني إليك فدهش الفتى ولم يجبني فدنوت إلى أذنه وقلت قد أظفرك الله تعالى ببغيتك فقم وانصرف بها إلى منزلك فلم يرد جوابا فحركته فإذا هو ميت فلم أر شيئا قط كان أعجب من أمره قال عبد الملك لقد حدثني بعجب فما صنعت الجارية قلت ماتت والله بعده بأيام بعد نحول عظيم وتعليل وماتت كمدا ووجدا على الغلام وقيل ان عبد الله بن عجلان الهندي رأى أثر كف عشيقته في ثوب زوجها فمات .
وذكر محمد بن واسع الهيتي أن عبد الملك بن مروان بعث كتابا إلى الحجاج بن يوسف الثقفي يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عند عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف أما بعد إذا ورد عليك