الأحمر الطري الذي كأنه قطع من شجرة فقلت في نفسي هذا قد وقع من بعض السفن فذهبت إليه فقبضت منه نارنجة فإذا هي ملتصقة بالحجر فجذبتها فإذا هي حيوان يتحرك ويضرب في يدي فلففت يدي بكم ثوبي وقبضت عليه وعصرته فخرج من فيه مياه كثيرة وضمر فلم أقدر أن أقلعه من مكانه فتركته عجزا عنه وهو من عجائب خلق الله تعالى وليس له عين ولا جارحة إلا الفم والله سبحانه وتعالى أعلم لأي شيء يصلح ذلك .
قال ولقد رأيت يوما على جانب البحر عنقود عنب أسود كبير الحب أخضر العرجون كأنما قطف من كرمه فأخذته وكان ذلك في أيام الشتاء وليس في تلك الأرض التي كنت فيها عنب فرمت أن آكل منه فقبضت على حبة منه وجذبتها فلم أقدر أن أقلعها من العنقود حتى كأنها من الحديد قوة وصلابة فجذبتها جذبة أقوى من الأولى فانقشرت قشرة من تلك الحبة كقشر العنب وفي داخلها عجم كعجم العنب فسألت عن ذلك فقيل لي هذا من عنب البحر ورائحته كرائحة السمك وفي البحر أيضا حيوان رأسه يشبه رأس العجل وله أنياب كأنياب السباع وجلده له شعر كشعر العجل وله عنق وصدر وبطن وله رجلان كرجل الضفدع وليس له يدان يعرف بالسمك اليهودي وذلك أنه إذا غابت الشمس ليلة السبت يخرج من البحر ويلقي نفسه في البر ولا يتحرك ولا يأكل ولو قتل ولا يدخل البحر حتى تغيب الشمس ليلة الأحد فحينئذ يدخل البحر ولا تلحقه السفن لخفته وقوته وجلده يتخذ منه نعل لصاحب النقرس فلا يجد له ألما ما دام ذلك الجلد عليه وهو من العجائب وقيل إن في بحر الروم سمكا طويلا طول السمكة مائة ذراع وأكثر وله أنياب كأنياب الفيل تؤخذ وتباع في بلاد الروم وتحمل إلى سائر البلاد وهي أحسن وأقوى من أنياب الفيل وإذا شق الناب منها يظهر فيه نقوش عجيبة ويسمونه الجوهر ويتخذون منه نصبا للسكاكين وهو مع قوته وحسن لونه ثقيل الوزن كالرصاص وفي البحر أيضا سمك يسمى الرعاد إذا دخل في شبكة فكل من جر تلك الشبكة أو وضع يده عليها أو على