اللقاء عملا صالحا من صدقة وصيام ورد المظالم وصلة الرحم ودعاء مخلص وأمر بمعروف ونهى عن منكر وأمثال ذلك والشأن كل الشأن في استجادة القواد وانتخاب الأمراء وأصحاب الألوية فقد قالت حكماء العجم أسد يقود ألف ثعلب خير من ثعلب يقود ألف أسد فلا ينبغي أن يقدم الجيش إلا الرجل ذو البسالة والنجدة والشجاعة والجرأة ثابت الجأش صارم القلب صادق البأس ممن قد توسط الحروب ومارس الرجال ومارسوه ونازل الاقران وقارع الابطال عارفا بمواضع الفرص خبيرا بمواضع القلب والميمنة والميسرة من الحروب فإنه إذا كان كذلك وصدر الكل عن رأيه كانوا جميعا كأنهم مثله فإنه إن رأى لقراع الكتائب وجها وإلا رد الغنم إلى الزربية .
واعلم أن الحرب خدعة عند جميع العقلاء وكان عظماء الترك يقولون ينبغي للعاقل العظيم للقياد أن يكون فيه عدة أخلاق من البهائم شجاعة الديك وبحث الدجاجة وقلب الاسد وحملة الخنزير وروغان الثعلب وصبر الكلب على الجراح وحراسة الكركي وغارة الذئب وسمن نغير وهي دويبة تكون بخراسان تسمن على التعب والشقاء وكان يقال اشد خلق الله تعالى عشرة الجبال والحديد ينحت الجبال والنار تأكل الحديد والماء يطفيء النار والسحاب يحمل الماء والريح تصرف السحاب الإنسان يتقي الريح بجناحيه والسكر يصرع الانسان والنوم يذهب السكر والهم يمنع النوم فأشد خلق ربك الهم اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن .
ومن الحيل في الحرب أن يبث جواسيسه في عسكر عدوه ليستعلم أخبارهم ويستميل قلوب رؤسائهم وذوي الشجاعة منهم فيدس إليهم ويعدهم وعدا جميلا ويقوي أطماعهم في نيل ما عنده من الهبات الفخيمة والولايات السنية وإن رأى وجها عاجلهم بالهدايا وسامهم إما الغدر بصحبهم وإما الأعتزال وقت اللقاء ويكتب على السهام أخبارا مزورة ويرمي بها في جيوشهم واعلم أن الحيلة لا ترد القضاء