واعلم أن الكبر يوجب المقت ومن مقته رجاله لم يستقم حاله والعرب تجعل جذيمة الأبرش غاية في الكبر يقال إنه كان لا ينادم أحدا لتكبره ويقول إنما ينادمني الفرقدان وكان ابن عوانة من أقبح الناس كبرا روي أنه قال لغلامه اسقني ماء فقال نعم فقال إنما يقول نعم من يقدر أن يقول لا اصفعوه فصفع ودعا أكارا فكلمه فلما فرغ دعا بماء فتمضمض به استقذارا لمخاطبته ويقال فلان وضع نفسه في درجة لو سقط منها لتكسر .
قال الجاحظ المشهورون بالكبر من قريش بنو مخزوم وبنو أمية ومن العرب بنو جعفر بن كلاب وبنو زرارة بن عدى وأما الأكاسرة فكانوا لا يعدون الناس إلا عبيدا وأنفسهم إلا أربابا وقيل لرجل من بني عبد الدار ألا تأتي الخليفة فقال أخاف أن لا يحمل الجسر شرفي وقيل للحجاج بن أرطأة مالك لا تحضر الجماعة قال أخشي أن يزاحمنى البقالون وقيل أتى وائل بن حجر إلى النبي فأقطعه أرضا وقال لمعاوية أعرض عن هذه الأرض عليه وأكتبها له فخرج معه معاوية في هاجرة شديدة ومشى خلف ناقته فأحرقه حر الشمس فقال له اردفني خلفك على ناقتك قال لست من أرداف الملوك قال فاعطني نعليك قال ما بخل يمنعني يا ابن أبي سفيان ولكن أكره أن يبلغ أقيال اليمن أنك لبست نعلي ولكن أمش في ظل ناقتي فحسبك بها شرفا وقيل أنه لحق زمن معاوية ودخل عليه فأقعده معه على السرير وحدثه وقال المسرور بن هند لرجل أتعرفني قال لا قال أنا المسرور بن هند قال ما أعرفك قال فتعسا ونكسا لمن لم يعرف القمر قال الشاعر .
( قولا لأحمق يلوي التيه أخدعه ... لو كنت تعلم ما في التيه لم تته ) .
( التيه مفسدة للدين منقصة ... للعقل مهلكة للعرض فانتبه ) .
وقيل لا يتكبر إلا كل وضيع ولا يتواضع إلا كل رفيع والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم