وأما ما جاء في الإخوان القليلي الموافاة العديمي المكافأة الذين ليس عندهم لصديق .
فقال وهب بن منبه صحبت الناس خمسين سنة فما وجدت رجلا غفر لي زلة ولا أقالني عثرة ولا ستر لي عورة وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إذا كان الغدر طبعا فالثقة بكل أحد عجز وقيل لبعضهم ما الصديق قال اسم وضع على غير مسمى وحيوان غير موجود قال الشاعر .
( سمعنا بالصديق ولا نراه ... على التحقيق يوجد في الأنام ) .
( وأحسبه محالا نمقوه ... على وجه المجاز من الكلام ) .
وقال أبو الدرداء كان الناس ورقا لا شوك فيه فصاروا شوكا لا ورق فيه وقال جعفر الصادق لبعض إخوانه أقلل من معرفة الناس وأنكر من عرفت منهم وإن كان مائة صديق فاطرح تسعة وتسعين وكن من الواحد على حذر وقيل لبعض الولاة كم لك صديق فقال أما في حال الولاية فكثير وأنشد .
( الناس إخوان من دامت له نعم ... والويل للمرء إن زلت به القدم ) .
ولما انكب علي بن عيسي الوزير لم ينظر ببابه أحدا من أصحابه الذين كانوا يألفونه في ولايته فلما ردت إليه الوزارة وقف أصحابه ببابه ثانيا فقال .
( ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها ... فكلما انقلبت يوما به انقلبوا ) .
( يعظمون أخا الدنيا فإن وثبت ... يوما عليه بما لا يشتهي وبثوا ) .
وقال آخر .
( فما كثر الأصحاب حين نعدهم ... ولكنهم في النائبات قليل )