يتصرف مع القلوب تصرف السحاب مع الجنوب وقيل أول ما يتعين على الجليس الإنصاف في المجالسة بأن يلحظ بعين الأدب مكانه من مكان جليسه فيكون كل منهما في محلة وقال ذو العلم والسلطان أحق بشرف المنزل وقال جعفر الصادق Bه إذا دخلت منزل أخيك فأقبل كرامته كلها ما عدا الجلوس في الصدور وينبغي للانسان أن لا يقبل بحديثه على من لا يقبل عليه فقد قيل إن نشاط المتكلم بقدر إقبال السامع ويتعين عليه أن يحدث المستمع على قدر عقله ولا يبتدع كلاما لا يليق بالمجلس فقد قيل لكل مقام مقال وخير القول ما وافق الحال وأوجبوا على المستمع أنه إذا ورد عليه من المتكلم ما كان مر بسمعه أولا أن لا يقطع عليه ما يقوله بل يسكت إلى أن يستوعب منه القول وعدوا ذلك من باب الأدب ولعله إذا صبر وسكت استفاد من ذلك زيادة فائدة لم تكن في حفظه وقيل ثمانية إن أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم الجالس في مجلس ليس له بأهل والمقبل بحديثه على من لا يسمعه والداخل بين اثنيبن في حديثهما ولم يدخلاه فيه والمتعرض لما لا يعنيه والمتآمر على رب البيت في بيته والآتي إلى مائدة بلا دعوة وطالب الخير من أعدائه والمستخف بقدر السلطان ويتعين على الجليس أن يراعي ألفاظه ويكون على حذر أن يعثر لسانه خصوصا إذا كان جليسه ذا هيبة فقد قيل رب كلمة سلبت نعمة وقال أبو العباس السفاح ما رأيت اغزر من فكر أبي بكر الهذلي لم يعد على حديثا قط وقيل أن أبا العباس كان يحدثه يوما إذ عصفت الريح فأرمت طستا من سطح إلى المجلس فارتاع من حضر ولم يتحرك الهذلي ولم تزل عينه مطابقة لعين السفاح فقال ما اعجب شأنك يا هذلي فقال إن الله يقول ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) وإنما لي قلب واحد فلما غمره النور بمحادثة أمير المؤمنين لم يكن فيه لحادث مجال فلو انقلبت الخضراء على الغبراء ما أحسست بها ولا وجمت لها فقال السفاح لئن بقيت لك لأرفعن مكانك ثم أمر له بمال جزيل وصلة