( يا من على الجود صاغ الله راحته ... فليس يحسن غير البذل والجود ) .
( عمت عطاياك أهل الأرض قاطبة ... فأنت والجود منحوتان من عود ) .
( من استشار فباب النجح منفتح ... لديه فيما ابتغاه غير مردود ) .
ثم عدت إلى المدينة فقضيت ديني ووسعت على أهلي وجازيت المشير علي وعاهدت الله تعالى أن لا أترك الاستشارة في جميع أموري ما عشت .
وحكي عن الخليفة المنصور أنه كان صدر من عمه عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس أمور مؤلمة لا تحتملها حراسة الخلافة ولا تتجاوز عنها سياسة الملك فحبسه عنده ثم بلغه عن ابن عمه عيسى بن موسى ابن علي وكان واليا على الكوفة ما أفسد عقيدته فيه وأوحشه منه وصرف وجه ميله إليه عنه فتألم المنصور من ذلك وساء ظنه وتأرق جفنه وقل أمنه وتزايد خوفه وحزنه فأدته فكرته إلى أمر دبره وكتمه عن جميع حاشيته وستره واستحضر ابن عمه عيسى ابن موسى وأجراه على عادة إكرامه ثم أخرج من كان بحضرته وأقبل على عيسى وقال له يا ابن العم إني مطلعك على أمر لا أجد غيرك من أهله ولا أرى سواك مساعدا لي على حمل ثقله فهل أنت في موضع ظني بك وعامل ما فيه بقاء نعمتك التي هي منوطة ببقاء ملكي فقال له عيسى بن موسى أنا عبد أمير المؤمنين ونفسي طوع أمره ونهيه فقال إن عمي وعمك عبد الله قد فسدت بطانته واعتمد على ما بعضه يبيح دمه وفي قتله صلاح ملكنا فخذه إليك واقتله سرا ثم سلمه إليه وعزم المنصور على الحج مضمرا أن ابن عمه عيسى إذا قتل عمه عبد الله ألزمه القصاص وسلمه إلى أعمامه أخوة عبد الله ليقتلوه به قصاصا فيكون قد استراح من الاثنين عبد الله وعيسى قال عيسى فلما أخذت عمي وفكرت في قتله رأيت من الرأي أن أشاور في قضيته من له رأي عسى أن أصيب الصواب في ذلك فأحضرت يونس ابن قرة الكاتب وكان لي حسن ظن في رأيه وعقيدة صالحة في معروفته فقلت له إن أمير المؤمنين دفع إلي عمه عبد الله وأمرني بقتله وإخفاء امره فما رأيك