ومع قوله أيضا .
( اذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه ) .
وأبو الطيب المتنبي في فضله المشهور وأخذه بزمام الكلام وقوته على رقائق المعاني وعلى ما في شعره من الحكم والأمثال السائرة يقول .
( وضاقت الأرض حتى صار هاربهم ... اذا رأى غير شيء ظنه رجلا ) .
وغير شيء معناه المعدوم والمعدوم لا يرى فهذا سقط فاحش ومما يستهجن من قوله وتكاد أن تمجه الأسماع قوله .
( تقلقلت بالهم الذي قلقل الحشا ... قلاقل عش كلهن قلاقل ) .
وقوله وقد جمع بين قبح اللفظ وبرودة المعنى .
( ان كان مثلك كان أو هو كائن ... فبرئت حينئذ من الإسلام ) .
ومن معانيه المسروقة قوله .
( ونهب نفوس أهل النهب أولى ... بأهل المجد من نهب القماش ) .
أخذه من قول أبي تمام .
( ان الأسود أسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب ) .
قال ابو عبد الله الزبيري اجتمع راوية جرير وراوية كثير وراوية جميل وراوية الأحوص وراوية نصيب فافتخر كل منهم وقال صاحبي أشعر فحكموا السيدة سكينة بنت الحسين رضي الله تعالى عنهما بينهم لعقلها وتبصرها بالشعر فخرجوا حتى استأذنوا عليها وذكروا لها أمرهم فقالت لراوية جرير أليس صاحبك الذي يقول .
( طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... وقت الزيارة فارجعي بسلام ) .
وأي ساعة أحلى من الزيارة بالطروق قبح الله صاحبك قبح شعره فهلا قال فادخلي بسلام ثم قالت لراوية كثير أليس صاحبك الذي يقول .
( يقر بعيني ما يقر بعينها ... وأحسن شيء ما به العين قرت )