( فلو كان يغني أن يُرى المرءُ جازعاً ... لنازلة أو كان يُغْني التَّذَلُّلُ ) .
( لكان التعزّي عند كل مصيبة ... ونازلةٍ بالحرّ أوْلَى وأجْمَل ) .
( فكيف وكلٌّ ليس يعدو حمامَه ... وما لامرىءٍ عما قضى الله مَزْحَل ) .
( فإن تكن الأيام فينا تبدَّلت ... ببُؤْسَى ونعمى والحوادث تفْعل ) .
( فما ليَّنَتْ منا قناة صليبة ... ولا ذلّلَتْنا للتي ليس يَجْمُل ) .
( ولكن رَحَلْناها نفوساً كريمة ... تُحَمَّل ما لا يستطاع فتحمل ) .
( وقَيْنَا بعزم الصبر منَّا نفوسَنَا ... فَصَحَّتْ لنا الأعراض والناس هُزَّل ) قال أبو بكر قال عبد الرحمن قال عمي : فقمت والله وقد أنسيت أهلي وهان علي طول الغربة وشظف العيش سروراً بما سمعت .
ثم قال لي : يا بُنيَّ ! مَنْ لم تكن استفادةُ الأدب أحبَّ إليه من الأهل والمال لم يَنْجُب .
وقال محمد بن المعلي الأزدي في كتاب الترقيص : حدثنا أبو رياش عن الرياشي عن الأصمعي قال : كنت أغشى بيوت الأعراب أكتب عنهم كثيراً حتى أَلفوني وعرفوا مُرادي فأنا يوماً مارٌّ بَعذَارى البصرة قالت لي امرأة : يا أبا سعيد ائت ذلك الشيخ فإنَّ عنده حديثاً حسناً فاكتبه إن شئت .
قلت : أحسن الله إرشادَك فأتيت شيخاً همّاً فسلمت عليه فرد عليَّ السلام وقال : من أنت قلت : أنا عبد الملك بن قُرَيْب الأصْمَعي قال : ذُو يتتبع الأعراب فيكتب ألفاظهم قلت : نعم وقد بلغني أن عندك حديثاً حسناً مُعْجباً رائعاً وأخبرني باسمك ونسبك قال نعم أنا حذيفة بن سور العَجلاني ولد لأبي سبعُ بنات متواليات وحملت أمي : فقلق قلقاً كاد قلقه يفلُق حبةَ قلبه من خوف بنت ثامنة فقال له شيخ من الحي : ألاَ استغثت بمَنْ خَلَقهنّ أن يكفيك مؤْنتهن ! قال : لا جَرَم لا أدعوه إلاّ في أحب البقاع إليه فإنه كريم لا يضيع قَصْد قاصديه ولا يخيب آمال آمليه البيت الحرام وقال : [ - من الرجز - ] .
( يا رب حسبي من بناتٍ حَسْبي ... شيَّبن رأسي وأكلن كَسْبي ) .
( إن زدتني أخرى خلعتَ قلبي ... وزدتني همّاً يَدُقُّ صلبي ) فإذا بهاتف يقول [ - من الرجز - ] .
( لا تقنطن غشيت يا بن سور ... بذَكَرٍ من خيرة الذُّكور )