فقال هذيل للرسول : اقتص عليّ أول قصته فقصّ عليه أول ما كلمه به الأعور وما رجعه إليه حتى أتى على آخره .
قال هذيل : أبْلغه التحية إذا أتيته وأخبره أنّا نَسْتَوْصي بما أوْصى به .
فشخص الرسول فنادى هذَيل بَلْعَنبر ! فقال : قد بيّن لكم صاحبُكم : أما الرملُ الذي جَعلَ في يده فإنه يُخبركم أنه قد أتاكم عددٌ لا يُحصى وأما الشمسُ التي قد أومَأ إليها فإنه يقول : ذلك أوضح من الشمس وأما جَملُه الأحمر فهو الصمّان وأما ناقته العَيْساء أو قال الصهباء فهي الدَّهناء يأمركم أن تتحرَّزوا فيها وأما بَنو مالك فإنه يأمركم أن تُنْذروهم ما حذَّركم وأن تُمسكوا بحلْف ما بينكم وبينهم وأما إيراق العَوْسج فإنَّ القوم قد أكتسوا سلاحاًوأما اشتكاء النّساء فإنه يُخبركم أنهن قد عملن لهم عجَلاً يَغْزُونَ بها والعجَلَ : الرّوايا الصَّغار .
وقال ابن دريد في الجمهرة والقالي في أماليه : قال صبيُّ لأمه - وعندها أُمُّ خطْبه : يا أمّاه : أَأَدَّوي .
فقالت : اللّجَام مُعلَّقٌ بعمود البيت ! تورّي بذلك لئلا يستصغر وتُري القوم أنه إنما سألها عن اللّجام وأنه صاحب خَيْلٍ وركوب وهو إنما قَصَد أخذَ الدُّواية وهي الجلْدَة الرقيقة التي تَرْكَبُ اللبن يقال : دَوَّى اللبن يدوّي وأقبل الصبْيان على اللبن يدَّوُونه أي يأخذون ما عليه من الجلد .
ذكر أمثلة من ذلك : .
قال ابن دريد تقول : واللّه ما سألت فلاناً في حاجةٍ قطّ والحاجة : ضربٌ من الشَّجر له شوك ( والجمع حاج ) .
وما رَأيتُه : أي ما ضَرَبْتُ رئته .
ولا كلًّمته : اي جَرَحته .
( وما بطنتُ فلاناًأي ضربت بطنه ) .
ولا أعْلمته : أي ما جعلْتُه أعلم أي ما شققت شَفته العليا .
ولا أخذتُ منه ( خُفّاً ولا نعْلاًفالخَفّ من أخفاف الإبل والنعل : القطعة الغليظة من الأرض .
وتقول : ( واللّه ما أملك ) كَلْباً وهو المسمار في قائم السيف .
ولا فَهْداً : وهو المسمار في وَسَط الرَّحْل ولا جارية وهي السفينة