قولك للشجاع : ( إنه أسدٌ ) فإن ذلك مُكابرةٌ وعنادٌولكن هو دائرٌ بين أمرين إما أن يَدَّعي أنَّ جميع الألفاظ حقائق ويكتفي في الحقيقة بالاستعمال وإن لم يكن بأصْل الوضع وهذا مسلّم ويعود البحثُ لفظياًوإن أراد استواءَ الكلّ في أصل الوضع .
قال القاضي في مختصر التقريب : فهذه مُرَاغَمَةٌ للحقائقفإنا نعلمُ أن العرب ما وضعت اسم الحمار للبليد .
الثانية - قال الإمام وأتباعه : اللفظُ يجوز خلّوّه عن الوصفينفيكون لا حقيقة ولا مجازاً لغويّاًفمن ذلك اللفظُ في أول الوَضع قبل استعماله فيما وُضع له أو في غيره ليس بحقيقة ولا مجازلأنَّ شرط تحقق كلّ واحد من الحقيقة والمجاز الاستعمالُفحيث انْتَفَى الاستعمال انتفيا ومنه الأعلام المتجدّدة بالنسبة إلى مسمّياتهافإنها أيضاً ليست بحقيقة لأن مستعملها لم يستَعْملها فيما وُضعت له أولاًبل إما أنه اختَرعها من غير سَبْق وَضع كما في الأعلام المُرْتجلة أو نقلها عما وَضعتْ له كالمنقولةوليست بمجازٍلأنها لم تنقل لعلاقة .
قال القاضي تاج الدين السبكي : وقد ظهر أنَّ المراد بالأعلام هنا الأعلامُ المتجدّدة دون الموضوعة بوَضع أهل اللغة فإنها حقائق لغوية كأسماء الأجناسوقد ألحق بعضُهم بذلك اللفظ المستعمل في المشاكلة نحو : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) .
فذكر أنه واسطةٌ بين الحقيقة والمجاز وهو ممنوعٌ كما بيَّنْتُه في الإتقان وغيره .
الثالثة - قد يجتمع الوصفان في لفظ واحدفيكون حقيقةً ومجازاً إمَّا بالنسبة إلى مَعْنيين وهو ظاهر وإما بالنسبة إلى معنى واحد وذلك من وضعين كاللفظ الموضوع في اللغة لمَعْنًى وفي الشرع أو العرف لمعنًى آخر فيكون استعماله في أحد المعنيين حقيقةً بالنسبة إلى ذلك الوَضع مجازاً بالنسبة إلى الوَضع الآخر .
قال الإمام وأتْبَاعُه : ومن هذا يُعرف أن الحقيقة قد تصيرُ مجازاً وبالعكسفالحقيقةُ متى قلَّ استعمالها صارت مجازاً عُرْفاَوالمجاز متى كثرَ استعماله صار حقيقة عُرْفاًوأما بالنسبة إلى معنى واحد من وَضْع واحد فمحال لاسْتحالة الجمع بين النفي والإثبات .
الرابعة - قال أهل الأصول : اللفظُ والمعنى إما أن يتّحدا فهو المُفْرَد كلفظة