علينا فارسٌهذا هو الأصل .
ثم تقول : يجوز أن تفعل كذا : أي يَنْفُذ ولا يُردّ ولا يُمْنع .
وتقول : عندنا دراهم وَضَح وازنة وأخرى تجوزُ جَواز الوازنة : أي إن هذه وإن لم تكن وازنة فهي تجوز مجازَها وجوازها لقُرْبها منها .
فهذا تأويلُ قولنا ( مجاز ) يعني أن الكلام الحقيقي يمضي لسَنَنه لا يُعترَض عليه وقد يكون غيره يجوزُ جوازَه لقُربه منه إلا أن فيه من تشبيه واستعارةٍ وكفٍّ ما ليس في الأولوذلك كقولنا : عطاء فلان مزْنٌ واكف .
فهذا تشبيه وقد جاز مجاز قوله : عطاؤه كثيرٌ وافٍ .
ومن هذا قوله تعالى : ( سنسمه على الخرطوم ) .
فهذا استعارة .
وقال ابن جني في الخصائص : الحقيقية ما أُقرّ في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة والمجازُ : ما كان بضدّ ذلك وإنما يقع المجازُ ويُعْدَل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة : وهي الاتساع والتوكيد والتشبيه فإن عُدمت الثلاثة تعيَّنت الحقيقةفمن ذلك قوله في الفرس : ( هو بحر ) فالمعاني الثَلاثة موجودة فيه : .
أما الاتساع فلأنه زاد في أسماء الفرس - التي هي فرَس وطرْف وجَواد ونحوها - البحرحتى إنه إن احتيج إليه في شعر أو سجع أو اتّساع استعمل استعمال بقية تلك الأسماءلكن لا يفضي إلى ذلك إلا بقرينة تُسْقط الشبهة وذلك كأن يقول الشاعر : - من الوافر - .
( عَلوت مطا جوادك يوم يوم ... وقد ثمد الجياد فكان بحرا ) .
وكأن يقول الساجع : فرسك هذا إذا سما بغُرَّته كان فجراًوإذا جرى إلى غايته كان بحراًفإن عَري من دليل فلالئلا فلا يكون إلباساً وإلغازاً