النوع السابع عشر .
معرفة تداخل اللغات .
قال ابن جني في الخصائص : إذا اجتمع في الكلام الفصيح لغتان فصاعداً كقوله : - من البسيط - .
( وأَشْرَبُ الماء ما بي نَحْوَهُ عَطَشٌ ... إلاَّ لأنّ عُيونُهْ سال واديها ) .
فقال : نحوه بالإشباع وعيونه بالإسكان فينبغي أن يُتَأَمَّل حال كلامه فإن كانت اللفظتان في كلامه متساويتين في الاستعمال وكثرتهما واحدةٌ فأخْلَق الأمر به أن تكون قبيلتُه تواضعت في ذلك المعنى على ذينك اللَّفظين لأنّ العرب قد تفعلُ ذلك للحاجة إليه في أوزان أشعارها وسَعة تصرّف أقوالها .
ويجوز أن تكون لغتُه في الأًصل إحداهما ثم إنه استفاد الأخرى من قبيلة أخرى وطال بها عهدُه وكثر استعماله لها فلحقت - لطول المدّة واتساع الاستعمال - بلغته الأولى وإن كانت إحدى اللفظتين أكثرَ في كلامه من الأخرى فأخلَق الأمر به أن تكون القليلةُ الاستعمال هي الطارئة عليه والكثيرةُ هي الأولى الأصلية .
ويجوز أن تكونا مخالفتين له ولقبيلته وإنما قلَّت إحداهما في استعماله لضعفها في نفسه وشذوذها عن قياسه .
وإذا كثر على المعنى الواحد ألفاظٌ مختلفة فسُمعت في لغة إنسان فعلى ما ذكرناه كما جاء عنهم في أسماء الأسد والسيف والخمر وغير ذلك .
وكما تنْحَرف الصيغةُ واللفظ واحد كقولهم : رَغْوة اللبن ورُغَوته ورغاوته كذلك مثلثاً .
وكقولهم : جئت من عَل ومن عَلُ ومن عَلاَ ومن عُلْو ومن علْو ومن عَلْوُ ومن عالٍ ومن مُعالٍ فكلُ ذلك لغات لجماعات وقد تجتمع لإنسان واحد .
قال الأصمعي : اختلف رجلان في الصّقر فقال أحدُهما : بالصاد وقال الأخر : بالسين فتراضَيا بأوَّل واردٍ عليهما فحكيا له ما هما فيه فقال : لا أقول كما قلتما إنما هو الزّقْر وعلى هذا يتخرَّج جميعُ ما ورد من التَّدَاخل