بين الخلَّتين حسيراً وأُكاثرهما فأَنْكَفىء مكثوراً وإن خطر خاطرٌ فيما بعد يعلق الكف بإحدى الجهتين ويكفها عن صاحبتها قلنا به .
هذا كله كلامُ ابن جني .
وقال الإمام فخر الدين الرازي في المحصول وتبعهُ تاج الدين الأرموي في الحاصل وسراج الدين الأرموي في التحصيل ما ملخَّصه : .
النظر الثاني في الواضع : الألفاظُ إما أن تدل على المعاني بذواتها أو بوَضْع اللّه إياها أو بوَضْع الناس أو بكَون البعْض بوَضْع اللّه والباقي بوضع الناس والأول مذهب عباد بن سليمان والثاني مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري وابن فُورَك والثالث مذهب أبي هاشم وأما الرابع فإما أن يكونَ الابتداءُ من الناس والتَّتمَّة من اللّه وهو مذهب قوم .
أو الابتداءُ من اللّه والتتمة من الناس وهو مذهب الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني .
والمحققون متوقفون في الكل إلاّ في مذهب عباد .
ودليل فساده أن اللفظَ لو دلَّ بالذات لفَهم كلُّ واحد منهم كلَّ اللغات لعدم اختلاف الدلالات الذَاتية واللازمُ باطل فالملزوم كذلك .
واحتجَّ عبّاد بأنه لولا الدّلالةُ الذاتيَّةُ لكان وضعُ لفظٍ من بين الألفاظ بإزاء معنًى من بين المعاني ترجيحاً بلا مُرجّح وهو محال .
وجوابُهُ أن الواضعَ إن كان هو اللّه فتخصيصُه الألفاظَ بالمعاني كتخصيص العالَم بالإيجاد في وقتٍ من بين سائر الأوقات وإن كان هو الناس فلعلَّه لتعيّن الخَطَران بالبال ودليلُ إمكان التوقّف احتمالُ خَلْق اللّه تعالى الألفاظَ وَوَضْعها بإزاء المعاني وخَلْق علومٍ ضروريةٍ في ناس بأن تلك الألفاظَ موضوعةٌ لتلك المعاني .
ودليل إمكان الاصطلاح إمكان أن يتولّى واحدٌ أو جمعٌ وضَع الألفاظ لمعانٍ ثم