هذا رجل ذهب عقله حين نظم هذين البيتينفإن مراده منهما التغزل بمحبوبه وقد قصر تمنيه على أن يكون هو ومحبوبه كبعيرين أجربين لا يقربهما أحد ولا يقربان أحدا إلا طردهما وهذا من الأماني السخيفة وله في غير هذه الأمنية مندوحات كثيرة وما أشبه هذا بقول القائل .
( يَا رَبِّ إِن قَدَّرْتَهُ لِمُقَبِّلٍ ... غَيْرِي فَللأقْدَاحِ أَوْ للأَكْؤُسِ ) .
( وَإِذَا حَكَمْتَ لَنَا بِعَيْنِ مُرَاقِبٍ ... في الدَّهْرِ فَلْتَكُ مِنْ عُيُونِ النَّرْجِسِ ) فانظركم بين هاتين الامنيتين .
ومما أخذ على أبي نواس في قصيدته الميمية الموصوفة التي مدح بها الأمين محمد بن الرشيد وهو قوله .
( أَصْبَحْتَ يَابْنَ زُبَيْدَةَ ابْنَةِ جَعْفَرٍ ... أَمَلاً لِعَقْدِ حِبالِهِ اسْتِحْكَامُ ) فإن ذكر أم الخليفة في مثل هذا الموضع قبيح .
وكذلك قوله في موضع آخر .
( وَلَيْسَ كَجَدَّتَيْهِ أمِّ مُوسَى ... إذا نُسِبَتْ ولاَ كَالْخَيْزُرَانِ )