وكذلك قوله أيضا وهو من أحسن ما أتى به من التخلصاتوهو في قصيدته التي أولها .
( سِرْبٌ مَحَاسِنُهُ حُرِمْتُ ذَواتِهَا ... ) فقال في أثنائها .
( وَمَطالِبٍ فِيها الْهَلاكُ أتَيْتُهَا ... ثَبْتَ الْجَنَانِ كَأنَّني لَمْ آتيهَا ) .
( وَمَقَانِبٍ بِمَقَانِبٍ غَادَرْتُهَا ... أَقْوَاتَ وَحْشٍ كُنَّ مِنْ أَقْوَاتِهَا ) .
( أَقْبَلْتُهَا غُرَرَ الْجِيَادِ كَأنَّما ... أَيْدي بَني عِمْرَانِ فِي جَبَهَاتِهَا ) .
( الثاَّبِتينَ فُرُوسَةً كَجُلُودِهَا ... فِي ظَهْرِهَا وَالطَّعْنِ فِي لَبَّاتِهَا ) .
( فَكَأَنَّهَا نُتِجَتْ قِيَاماً تَحْتَهُمْ ... وَكَأَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَى صَهَوَاتِهَا ) .
( تِلْكَ الْنُّفُوسُ الْغَالِبَاتُ عَلَى الْعُلا ... والْمَجْدُ يَغْلِبُهَا عَلَى شَهَوَاتِهَا ) .
( سُقِيَتْ مَنَابِتُها الَّتي سَقَتِ الْوَرَى ... بِيَديْ أَبي أَيُّوبَ خَيْرِ نَبَاتِها ) فانظر إلى هذين التخلصين البديعي فالأول خرج به إلى مدح قوم الممدوح والثاني خرج به إلى نفس الممدوح وكلامها قد أغرب فبه كل الإغراب .
وعلى هذا جاء قوله .
( إِذَا صُلْتُ لَمْ أَتْرُكْ مَصَالاً لِفَاتِكٍ ... وإِنْ قُلْتُ لَمْ أَتْرُكْ مَقَالاً لِعَالِمِ )