ومن هذا الباب أيضا ما أوردناه في صدر هذا النوع وهو قول أبي الطيب المتنبي .
( وَلَمْ أَرَ مِثْلَ جِيرانِي وَمِثْلِي ... لِمِثْلِي عِنْدَ مِثْلِهِمُ مُقَامُ ) .
فهذا هو التكرير الفاحش الذي يؤثر في الكلام نقصا ألا ترى أنه يقول لم أر مثل جيراني في سوء الجوار ولا مثلي في مصابرتهم ومقامي عندهم إلا انه قد كرر هذا المعني في البيت مرتين .
وعلى نحو من ذلك جاء قوله أيضا .
( وٌقَلْقَلْتُ بِالْهَمِّ الَّذِي قَلْقَلَ الْحَشَى ... قَلاقِلَ عِيسٍ كُلُّهُنَّ قَلاقِلُ ) .
وأما القسم الثاني من التكرير وهو الذي يوجد في المعنى دون اللفظ فذلك ضربان مفيد وغير مفيد .
الضرب الأول المفيد وهو فرعان .
الأول إذا كان التكرير في المعنى يدل على معنيين مختلفين وهو موضع من التكرير مشكل لأنه يسبق إلى الوهم أنه تكرير يدل على معنى واحد .
فمما جاء منه حديث حاطب بن أبي بلتعة في غزوة الفتح وذاك أن النبي أمر علي بن أبي طالب والزبير والمقداد Bهم فقال ( اذهبوا إلى روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فأتوني به ) قال علي Bه فخرجنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة وإذا فيها الظعينة فأخذنا الكتاب من عقاصها وأتينا به رسول الله وإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض شأن رسول الله فقال له ما هذا يا حاطب فقال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابة تحمون بها أموالهم وأهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك