( قَطَعَتْ إِلَيَّ الْزَّابيَيْنِ هِبَاتُهُ ... والْتَاثَ مَأْمُولُ السَّحَابِ السُّبِلِ ) .
( مِنْ مِنَّةٍ مَشْهُورَةٍ وَصَنِيعَةٍ ... بكْرٍ وَإحْسَانٍ أغَرَّ مُحَجَّلِ ) .
فقوله منة مشهورة وصنيعة بكر وإحسان أغر محجل تداخلت معانيه إذ المنة والصنيعة والإحسان متقارب بعضه من بعض وليس ذلك بتكريرلأنه لو اقتصر على قوله منة وصنيعة وإحسان لجاز أن يكون تكريراِولكنه وصف كل واحدة من هذه الثلاث بصفة أخرجتها عن حكم التكريرِفقال " منة مشهورة " فوصفها بالاشتهار لعظم شأنهاِو " صنيعة بكر " فوصفها بالبكارة أي أنها لم يؤت بمثلها من قبلِو " إحسان أغر محجل " فوصفه بالغرة والتحجيل أي هو ذو محاسن متعددة فلما وصف هذه المعاني المتداخلة التي تدل على شيء واحد بأوصاف متباينة صار ذلك إطناباِولم يكن تكريرا .
ولم أجد في ضروب الإطناب أحسن من هذا الموضعِولا ألطف وقد استعمله أبو تمام في شعره كثيرا بخلاف غيره من الشعراءِكقوله .
( زِكِيٌّ سَجَايَاهُ تُضِيفُ ضُيُوفَهُ ... وَيُرْجَى مُرَجِّيهِ وَيُسْأَلُ سَائِلُهْ ) فإن غرضه من هذا القول إنما هو ذكر الممدوح بالكرم وكثرة العطاءِإلا أنه وصفه بصفات متعددةفجعل ضيوفه تضيفِوراجيه يرجىِوسائله يسألِوليس هذا