ومما يجري على هذا النهج قوله تعالى ( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ) فجواب لو في هذا الموضع محذوف كما حذف في قوله تعالى ( ولو أن قرآناً سيرت به الجبال ) أي لو أن لي بكم قوة لدفعتكم أو منعتكم أو ما أشبهه وكذلك قوله ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ) لكان هذا القرآن .
وهذا الضرب من المحذوفات أظهر الضروب المذكورة وأوضحها لعلم المخاطب به لأن قوله تعالى حكاية عن لوط عليه السلام ( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ) يتسارع الفهم [ فيه ] إلى أن الكلام يحتاج إلى جواب .
ومما جاء منه شعراً قول أبي تمام في قصيدته البائية التي يمدح بها المعتصم عند فتحه مدينة عمورية .
( لَوْ يَعْلَمُ الكُفْرُ كَمْ مِنْ أَعْصُرٍ كَمَنَتْ ... لَهُ الْعَوَاقِبُ بَيْنَ السُّمرِ والْقُضُبِ ) .
فإن هذا محذوف الجواب تقديره لو يعلم الكفر ذلك لأخذ أهبة الحذار أو غير ذلك .
واعلم أن حذف هذا الجواب لا يسوغ في أي موضع كان من الكلامِ وإنما يحذف ما دل عليه مكان المحذوف ألا ترى أنه قد ورد في القرآن الكريم غير محذوف كقوله تعالى ( ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ) وهذا ليس كالذي تقدم من الآيات لأن تلك علم مكان المحذوف منها وهذه الآية لو حذف الجواب فيها لم يعلم مكانه لأنه يحتمل وجوهاً منها أن يقال لما آمنوا أو لطلبوا ما وراء ذلك وقد تقدم القول في أول باب الإيجاز أنه لا بد من دلالة الكلام على المحذوف .
الضرب التاسع وهو حذف جواب ( لولا )