( وَلا إِلا بِأَن يُصْغِي وَأَحْكِي فَلَيْتَكَ لا يُتَيِّمُهُ هَواكا ) .
فقوله ( ولا مناكا ) فيه محذوف وتقديره ولا صاحبت مناكاِ وكذلك قوله ( ولا إلا بأن يصغي وأحكي ) فإن فيه محذوفاًِ تقديره ولا أرضى إلا بأن يصغي وأحكي .
أما القسم الآخر فإنه لا يظهر فيه قسم الفعل لأنه لا يكون هناك منصوب يدل عليهِ وإنما يظهر بالنظر إلى ملاءمة الكلام .
فمما جاء منه قوله تعالى ( وعرضوا على ربك صفاً لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة ) فقوله ( لقد جئتمونا ) يحتاج إلى إضمار فعل أي فقيل لهم لقد جئتموناِ أو فقلنا لهم .
وقد استعمل هذا القرآن الكريم في غير موضع كقوله تعالى ( ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) فقوله ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) يحتاج إلى تقدير الفعل المضمر .
وكذلك ورد قوله تعالى ( ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) فقوله ( وإن جاهداك ) لا بد له من إضمار القول أي وقلنا إن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما .
ومن هذا الضرب إيقاع الفعل على شيئين وهو لأحدهماِ كقوله تعالى ( فاجمعوا أمركم وشركاءكم ) وهو لأمركم وحده وإنما المراد أجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم لأن معنى أجمعوا من أجمع الأمر إذا نواه وعزم عليهِ وقد قرأ أبي Bه ( فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم ) وهذا دليل على ما أشرت إليهِ وكذلك هو مثبت في مصحف عبد الله بن مسعود Bه .
ومن حذف الفعل باب يسمى باب إقامة المصدر مقام الفعل وإنما يفعل ذلك لضرب من المبالغة والتوكيدِكقوله تعالى ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ) قوله ( فضرب الرقاب ) أصله فاضربوا الرقاب ضرباً فحذف الفعل