قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) وقد حذف من هذا الكلام جملةِ إلا أنها غير مفيدةِ وتقديرها فلما رجع موسى ورآهم على تلك الحال من عبادة العجل قال لأخيه هرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني .
وكذلك ورد قوله تعالى في قصة سليمان عليه السلام من سورة النمل ( قال أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ) وفي هذا محذوف وتقديره فلما جاء به قال نكروا لها عرشها لأن تنكيره لم يكن إلا بعد أن جيء به إليهِ وقد أغنى عن المحذوف صدر الكلام وآخرهِ وكان ذلك دليلاً عليه .
ومما ورد على ذلك شعراً قول أبي الطيب المتنبي .
( لا أُبْغِضُ الْعِيسَ لَكِنِّي وَقَيْتُ بِهَا ... قَلْبِي مِنَ الْهَمِّ أَوْ جِسْمِي مِنَ السَّقَمِ ) .
وهذا البيت فيه محذوف تقديره لا أبغض العيس لإنضائي إياها في الأسفارِ ولكني وقيت بها كذا وكذا فالثاني دليل على حذف الأول .
وهذا موضع يحتاج في استخراجه واستخراج أمثاله إلى فكرة وتدقيق نظر .
ومما يتصل بهذا الضرب حذف ما يجيء بعد أفعل كقولنا ( الله أكبر ) فإن هذا يحتاج إلى تمام أي أكبر من كل كبيرِ أو أكبر من كل شيء يتوهم كبيراًِ أو ما جرى هذا المجرىِ ومثله يرد قولهم زيد أحسن وجهاًِ وأكرم خلقاًِ تقديره أحسن وجهاً من غيرهِ وأكرم خلقاً من غيرهِ أو ما يسد هذا المسد من الكلام