فصدر هذا البيت فيه تطويل لا حاجة إليه وعجزه من محاسن الكلام المتواصفةِ وموضع التطويل من صدره أنه قال ( طلوع الثنايا بالمطايا ) ِ فإن لفظة المطايا فضلة لا حاجة إليهاِ وبيان ذلك أنه لا يخلو الأمر فيها من وجهين إما أن يريد أنه سابق الهمة إلى معالي الأمورِ كما قال الحجاج على المنبر عند وصوله العراق .
( أَنَا ابْنُ جَلا وَطَلاَّعُ الثَّنَايَا ... ) .
أي أنا الرجل المشهور السابق إلى معالي الأمور فإن أراد العجير بقوله ( طلوع الثنايا ) ما أشرت إليه فذكر المطايا يفسد ذلك المعنى لأن معالي الأمور لا يرقى إليها بالمطاياِ وإن أراد الوجه الآخرِ وهو أنه كثير الأسفار فاختصاصه الثنايا بالذكر دون الأرض من المفاوز وغيرها لا فائدة فيهِ وعلى كلا الوجهين فإن ذكر المطايا فضلة لا حاجة إليهِ وهو تطويل بارد غث .
فقس على هذا المثال ما يجري مجراه من التطويلات التي إذا أسقطت من الكلام بقي على حاله لم يتغير شيء .
وكذلك يجري الأمر في ألفاظ يوصل بها الكلام فتارة تجيء لفائدة وذلك قليلِ وتارة تجيء لغير فائدةِ وذلك كثير وأكثر ما ترد في الأشعار ليوزن بها الأبيات الشعريةِ وذلك نحو قولهم لعمريِ ولعمركِ ونحو أصبح وأمسى وظل وأضحى وباتِ وأشباه ذلكِ ونحو يا صاحبي ويا خليلي وما يجري هذا المجرى .
فمما جاء منه قول أبي تمام .
( أَقَرُّوا لَعَمْرِي لِحُكْمِ السُّيُوفِ ... وَكَانَتْ أَحَقَّ بِفَضْلِ الْقَضَاءِ )