( وَمَتَى نَجِدْ يَوْماً فَسَادَ عَشِيرَةٍ ... نُصْلِحْ وَإِنْ نَرَ صَالِحاً لا نُفْسِدِ ) وهذا كثير سائغ في الكلامِ إلا أنه لا يتأتى لمكان العناية بما يعبر به عنهِ ألا ترى إلى قول الشاعر ( إنا لنصفح عن مجاهل قومنا ) فإنه لما كان الصفح مما يشق على النفس فعله لأنه مقابلة الشر بالخير والإساءة بالإحسان أكده باللامِ تحقيقاً له .
فإن عرى الموضع الذي يؤتى فيه بهذه اللام من هذه الفائدة المشار إليها وما يجري مجراهِ فإن ورود اللام فيه لغير سبب اقتضاه .
وأكثر ما تستعمل هذه اللام في جواب القسم لتحقيق الأمر المقسم عليهِ وذلك في الإيجابِ دون النفي لأنها لا تستعمل في النفيِ ألا ترى أنه لا يقال والله للاقمتِ وإنما يقال والله لا قمتِ لكن في الإيجاب تستعملِ ويكون استعمالها حسناًِ كقولك والله لأقومِ فإن أضيف إليها النونان الخفيفة والثقيلة كان ذلك أبلغ في التأكيد كقولك والله لأقومنِ وعلى ذلك وردت الآية المتقدم ذكرهاِ وهي قوله تعالى ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ) وإن لم يكن جواباً لقسم فالنون الواردة بعد اللام زيادة في التأكيدِ وهما تأكيدان أحدهما مردف للآخر .
وكذلك فاعلم أن النون الثقيلة متصلة بهذا البابِ فإذا استعملت في موضع فإنما يقصد بها التأكيد .
فمما جاء منها قول البحتري في معاتبة الفتح بن خاقان