وكذلك جاء قول النبي أيضا ( من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) وهذا يشتمل على معنيين ضدين أحدهما أن المراد به إذا لم تفعل فعلا تستحي منه فافعل ما شئت والآخر أن المراد به إذا لم يكن لك حياء يزعك عن فعل ما يستحى منه فافعل ما شئت وهذان معنيان ضدان أحدهما مدح والآخر ذم .
ومثله ورد في الحديث النبوي أيضا وذلك أنه ذكر شريح الحضرمي عند النبي فقال ( لا يتوسد القرآن ) وهذا يحتمل مدحا وذما أما المدح فالمراد به أنه لا ينام الليل عن القرآن فيكون القرآن متوسدا معه لم يتهجد به وأما الذم فالمراد به أنه لا يحفظ من القرآن شيئا فإذا نام لم يتوسد معه القرآن وهذان التأويلان من الأضداد .
وكثيرا ما يرد أمثال ذلك في الأحاديث النبوية .
ويجري على هذا النهج من الشعر قول أبي الطيب في قصيدة يمدح بها كافورا .
( وأظْلَمُ أَهْلِ الظُّلْمِ مَنْ بَاتَ حَاسِداً ... لِمَنْ بَاتَ فِي نَعْمَائِهِ يَتَقَلَّبُ ) .
وهذا البيت يستخرج منه معنيان ضدان أحدهما أن المنعم عليه يحسد المنعم والآخر أن المنعم يحسد المنعم عليه .
وكذلك ورد قوله أيضا من قصيدة يمدحه .
( فإِنْ نِلْتُ مَا أمَّلْتُ مِنْكَ فَرُبَّمَا ... شَرِبْتُ بِمَاءٍ يُعْجِزُ الطَّيْرَ وِرْدُهُ ) .
فإن هذا البيت يحتمل مدحا وذما وإذا أخذ بمفرده من غير نظر إلى ما قبله فإنه يكون بالذم أولى منه بالمدح لأنه يتضمن وصف نواله بالبعد والشذوذ وصدر البيت مفتتح بإن الشرطية وقد أجيب بلفظة رب التي معناها التقليل أي لست من