( فَمَا الْعَانِدُونَ وَمَا أَمَّلُوا ... وَمَا الْحَاسِدُونَ وَمَا قَوّلُوا ) .
( هُمُ يَطْلُبُونَ فَمَنْ أَدْرَكُوا ... وَهُمْ يَكْذِبُونَ فَمَنْ يَقْبَلُ ) .
( وَهُمْ يَتَمَنَّوْنَ مَا يَشْتَهُونَ ... وَمِنْ دُونِهِ جَدُّكَ الْمُقْبِلُ ) .
هذه الأبيات قد اشتملت على معان بديعة وكفى المتنبي فضلا أن يأتي بمثلها وهذا مقام يظهر في مثله براعة الناظم والناثر .
وقرأت في كتاب الروضة لأبي العباس المبرد وهو كتاب جمعه واختار فيه أشعار شعراء بدأ فيه بأبي نواس ثم بمن كان في زمانه وانسحب على ذيله فقال فيما أورده من شعره وله معنى لم يسبق إليه بإجماع وهو قوله .
( تُدَارُ عَلَيْنَا الرَّاحُ في عَسْجَدِيَّةٍ ... حَبَتْهَا بأَنْوَاعِ التَّصَاوِيرِ فَارِسُ ) .
( قَرَارَتُهَا كِسْرَى وَفِي جَنَبَاتِهَا ... مَهَاً تَدَّرِيهَا بِالْقِسِيِّ الْفَوَارِسُ ) .
( فَلِلرَّاحِ مَا زُرَّتَ عَلَيْهِ جُيُوبُهَا ... وَلِلْمَاءمِا دَارَتْ عَلَيْهِ الْقَلاَنِسُ ) .
وقد أكثر العلماء في وصف هذا المعنى وقولهم فيه إنه معنى مبتدع .
ويحكى عن الجاحظ أنه قال ما زال الشعراء يتناقلون المعنى قديما وحديثا إلا هذا المعنى فإن أبا نواس انفرد بإبداعه وما أعلم أنا ما أقول لها ولأبي سوى أن أقول قد تجاوز بهم حد الإكثار ومن الأمثال السائرة بدون هذا يباع الحمار وفصاحة هذا الشعر عندي هي الموصوفة لا هذا المعنى فإنه لا كبير كلفة فيه لأن أبا نوس رأى كأسا من الذهب ذات تصاوير فحكاها في شعره والذي عندي في هذا أنه من المعاني المشاهدة فإن هذه الخمر لم تحمل إلا ماء